المطية التي لا تكبو..
أحياناً تعصف أمواج عدة كل منها ثائر حائر الوجهة بقارب صغير لإنسان لا يعرف لليم ركاباً، ولا للأمواج خطاباً، ليقع ضحية خصام شديد بين أمواج شرسة تتقاذفه فيما بينها، يساندها الفزع والهلع الذي يأكل من قلبه الصغير…أنذاك، فهو ينظر إلى أخية آلهية يلقي بنفسه إليها مستمسكاً لتشد من أزره وتحميه من اليم و جزره.
أو ربما يخفي الليل سر النهار، وتستر الدلجة فضاء القفار وقد أكل قواءها من ذي السبيل ما أبلغه بطنها. فيضل الطريق ويحار ونفسه تتأرجح بين خوف القفار وأمل النهار… أنذاك لا شك هو في ضرورة إلى حبل متين ورباط وثيق يصله بمن نصب الإعلام وبدد الظلام ليربط به قلبه، فتطمئن نفسه، وتبرد جوارحه، وتنبسط أساريره.
حيزاً إثر طول فكر متواصل في طور حياته الخاصة وتصاعد خطاها على سلم وعر يخشى خالقته ولها قد يمازج العقل معوقاته عن التوفيق بين مكامن النفس وتكونات الحياة ولا سيما المستجدة.. هنا النفس تشحذ قوة خفية لا محسوسة ولا ملموسة وإنما بين معالم أنفسنا مطموسة. تبدي قواها ولا نراها يستحث خروجها ضربات الحياة والعراك مع سواخنها.
ولا تبدو هذه القوة وذلك الحبل وتلك الأخية إلا عند ذي إيمان. إنه الصبر بجناحيه التسليم لله والشكر له ليحلق بأهله إلى عالم أحباب الله وأخياره.
غرسه التقى وثمرته الرضا ومعية أهل الله وعاقبتهم رضاه وبشراه.
ذخيرة إيمان، وعدة جهاد لمرارة الدهر، عبوسه. ليس كل يمتلكها، إن من يخوض بحر الحياة يتعلم كيف تلقى الأمواج وكيف بالصبر يصمد أمام عجاج الأيام فلا يترحه البلاء ولا يغتر بالرخاء فالعزاء .. العزاء لمن كبت مطيته بعثرات الحياة حينما ابتلي فتضجر وتحدث وشكى فخسر.
وهنيئاً له ثم هنيئاً له من ر** تلك المطية التي لا تكبو والقوة التي لا تضعف وابتلي فصبر ورضي وستر وثنى لله وشكر. يكفيك من البشرى ما وعد به الحق تبارك وتعالى {إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون } (المؤمنون 11).
(الأخت: نورة الفهد،مجلة الدعوة،العدد:1552)
والله الموفق..
أخوكم/الحســام..