الكتابة للمرأة المسلمة لا تختلف في كثير من جوانبها عن الكتابة للرجل؛ إذ تنطلق جميعها من رؤية واحدة للإنسان والكون والحياة، معتمدة على الجذور والعقائد الإسلامية الراسخة، ويبقى الاختلاف في الشكل أو نوعية الاهتمامات التي تفرضها الطبيعة الفطرية لكل منهما.
وبالرغم من أهمية الكتابة ودور الكلمة المقروءة في بناء الشخصية المسلمة، فإننا نلحظ ندرة الأقلام النسائية الإسلامية المؤثرة في هذا المجال إذا ما قورنت بأقلام الرجال، ولا نظن أنّ هذا ضعفاً في أقلامهن، أو تردداً في أفكارهن! والكلام هنا ليس موجهاً لجميع النساء، فلسن كلهن كاتبات أو يستطعن الكتابة؛ كما أنّ كل الرجال ليسوا كلهم كتاباً؛ إنما المعني هنا تلك الثلة من النساء والفتيات اللواتي يملكن أقلاماً، وأفكاراً تستطيع تغيير الشيء الكثير(بإذن الله تعالى)؛ لكنهن لا يتقدمن ولا يأخذن أنفسهن بالعزيمة والإرادة على فعل شيء، كصد فكرة خبيثة أو دعوة زيّنها أصحاب الهوى، لتقع في نفوس فتياتنا ونسائنا في هدوء حتى تتمكن منهن!
والدعاوى كثيرة، أكثر من أن تُحصى؛ فما نلمسه الآن من بُعد عن الفهم الصحيح للدين، واكتشاف جمالياته، ورحمته بنا والآخرين: ليس إلا نتيجة اجتهاد أهل الباطل في ترويج أفكارهم، والدعوة إليها بكل ما يملكون، وأخص من أهل الباطل هنا أصحاب القلم الذين تجاوزونا، ورفضوا أن يشاركهم أحد تداول الأفكار، وتصدروا سدة الاعلام، حتى أوهمونا بأننا متطلفون، وأننا عيال عليهم في هذا المجال وما يتفرع عنه!
والسبب أننا لم نرغب أصلاً في مزاحمتهم أو مشاركتهم؛ فالكثيرون ينظرون إلى الإعلام ووسائله المختلفة ومنها الكتابة على أنها ترف، لا يجب إضاعة الوقت فيه، خصوصاً الكتابة الإبداعية والفنية. لكن واقع الحال يقول إن هذه الوسيلة وأخواتها باتت من أقوى وسائل التأثير التي تمتد إلى التحكم في الطباع والعادات والتقاليد والموضات أيضاً.
وقد جاءت نصوص تدل على أهمية الكتابة بشتى فنونها في الدعوة إلى الله تعالى، فروي عن رسول صلى الله عليه وسلم قوله للصحابي كعب بن مالك رضي الله عنه: "يا كعب، إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه"، ومثله حسان بن ثابت، وغيره من شعراء الصحابة رضوان الله عليهم. فما كان يقوله الرواة والشعراء عدّه الرسول صلى الله عليه وسلم جهاداً وشجع عليه، والقلم اليوم هو إحدى وسائل التعبير باللسان التي يسمعها القاصي والداني.
أمر آخر مهم يجعل بعضهن يحجمن عن الكتابة، وهو الانتظار حتى اكتمال التجربة والنضج الفني… إلى آخر هذه الأعذار التي يرتع فيها التسويف ويمرح، لينتهي الحال بالكاتبة إلى تكلس في القلم، يتبعه الانصراف عن الكتابة والانشغال بغيرها، فنفقدها إلى غير رجعة!
فما المانع من المشي في خطين متوازيين: الكتابة، والسعي للنضج معاً، فالكتابة ستحفظ لك حيويتك، وحضورك في الميدان، وتدفعك للمزيد من النضج بالاستفادة من التجارب، والقلم لا بد من تعاهده؛ حتى لا يصدأ، فتدركه الخشونة التي تعوقه عن الجري على الورق!
إنها دعوة إلى كل الفتيات الكاتبات: تقدمن، ولا تهبن وعورة الكتابة، هاتين ما لديكن من بضاعة طيبة، فأرضنا أفقرتها مياه سالت من أقلام لا ندري من أين سقاؤها؟ هاتين أقلامكن وأحباركن وسطرن على أرضنا وقلوبنا، كلمات تحيا بنور الإيمان، وتنعشنا بأفكار مباركة نقية مبدعة، بعد ما بلغ بنا الظمأ أقصاه!
ملاحظة:هذا المقال المفيد منقول من هذا الموقع النسائي الطيب:
http://www.lahaonline.com
أخوكم / محب السلف