يا أرضَ بالقـرن مازلنـا محبينـالا البعدُ ينسي ولا الأعـذارُ تثنينـا
فسائلي الغيمَ كـم أسقـى معاطفَنـاوسائلي البرقَ كـم أحيـا مغانينـا
لي فيكِ يا دوحةَ الأمجـادِ ملحمـةٌمحفورةٌ فـي كتـابٍ مـن ليالينـا
يوم الصبا كقميصِ الخـزِ ألبسُـهوالروضُ اخضرُ مملـوءٌ رياحينـا
والرملُ لوحي وأقلامي غصونُ نداوالربعُ يمطـرهُ القمـريْ تلاحينـا
يا ارضَ بالقرن لو فتشتِ في خَلَديوجـدتِ فيـه أخاديـدًا وتأبيـنـا
جرحٌ من الحبِ يا بالقرن ما اندملتْأطرافُـهُ بـاتَ يُقصينـا ويُدنيـنـا
قد زرتُ بعدكِ يا بالقرن كلَّ حمـىوطرتُ في الجو حتى جئتُ برلينـا
فما رضيتُ سواكم في الهوى بـدلاًلأننـي عاشـقٌ دنيـاك والديـنـا
رأيتُ باريسَ في جلبـابِ راهبـةٍشمطاءَ قد بلغتْ في العمرِ سبعينـا
وأنتِ في ريَعَـان العمـرِ زاهيـةٌفي ميعةِ الحسن إشراقـاً وتكوينـا
أتيتُ واشنطنًـا لا طـاب مربعُهـارأيتُ ساحتَها في الضيـقِ سجِّينـا
فلا نسيـمَ كأرضـي إذ يُصبِّحنـاولا ندى الطلِ في الـوادي يمسِّينـا
ارضُ السنابلِ لا ارضَ القنابلِ يـاسِحْرَ الوجودِ ويا حـرزَ المحبينـا
يا روضةً طالما هـزَّتْ معاطفَهـاكأنـهـا بتبـاشـيـرٍ تحيـيـنـا
وربوةٍ كم درجنـا فـي ملاعبهـاعهدُ الطفولة يزهـو مـن أمانينـا
والأربعون علـى خـدي مروِّعـةٌيا ليت أني أهـادي سـنَّ عشرينـا
والغبنُ يكتب في أضلاعنـا خطبًـامـدربُ القلـف يعطينـا تمارينـا
يقتاتُ من لحمنـا غصْبًـا ويجلُدنـاويستقـي دَمَنـا زورًا ويظميـنـا
وإن نظَمْنا بيـوتَ الشعـرِ نمدحـهيظـل بالشَّعَـر المفتـولِ يلويـنـا
إذا اقترحنـا علـى أيامنـا طلبًـاذقنا المنايا التـي تطـوي أمانينـا
آهٍ علـى قهـوةٍ سمـراءَ نشربُهـافي غرفةٍ من ضميمِ الطيِن تؤوينـا
سِجادُها بحصيـرِ النخـلِ ننسجـهوريشُهـا بنقـي الصـوفِ يدفينـا
بعنـا الهمـومَ بدنيانـا صيـارفـةًلسنـا جبـاةً ومـا كنـا مرابينـا
لم ندّخِرْ قوتَنـا بخـلاً ليـومِ غـدٍلكـل يـومٍ طعـامٌ سـوف يأتينـا
ونمـلأُ الضيـفَ ترحابًـا لننسيَـهُما غابَ من أهلـه عنـه ويُنسينـا
أمام غرفتِنا يجري الغديـرُ علـىصـوتِ الحمـامِ بأبيـاتٍ يُغنيـنـا
قلوبُ أصحابِنـا طُهْـرٌ وسيرتُهـممثلُ الزلالِ الذي في القيظِ يروينـا
أيـامَ لا كدلـكٍ يعـوي بحارتـنـاولا البواري تـدوّي فـي نوادينـا
واليـومَ أموالُنـا باتـتْ تؤرقُـنـاهمًـا وأولادُنـا بالـغـمِّ تؤذيـنـا
إذا رفعـنـا بـآيـاتٍ عقيرتَـنـاقالوا: غلـوٌ وهـذا خالـفَ الدينـا
وإن همسنا بحـبٍّ فـي مجالِسنـاقالـوا: يدبـر أعمـالاً لترديـنـا
وإن لبسنا بشوتًا عرَّضـوا سفهًـابأننـا نزدهـي فيـهـا مرائيـنـا
وإن تقشَّـف منـا صــادقٌ ورِعٌقالـوا: يخادِعُنـا عمْـدًا ويغوينـا
إذا صمتنا اقضَّ الصمتُ مضجعَهموإن نطقنـا شربنـا كأسَنـا طينـا
إذا أجبْنا علـى الجـوالِ أمطَرَنـابالسبِّ مَـنْ كـان نغليـه ويغلينـا
وإن أبينـا أتتنـا مـن رسائـلـهمثل السعيرِ على الرمضاء تشوينـا
قلنـا لهـم هـذه الأشيـاءُ حلَّلَهـاأبو حنيفـة بـل سُقنـا البراهينـا
قالوا: خرقتَ لنا الإجماعَ في شُبَـهٍمِن رأيِـك الفـجِّ بالنكـراءِ تأتينـا
وإن ضحكنـا أضافونـا بسخريـةصفـراءَ تملؤنـا غبنًـا وتذويـنـا
وإن بكينـا لظلـوا شامتيـن بـنـاكأنهم وحدَهُـم صـاروا موازينـا
تـفـردوا بخطايـانـا وأشغلَـهُـمعن ذكرِ سُوئِهُمُ المُـرْدي مساوينـا
ويفرحـون إذا زل النعـال بـنـاويهـزؤون بمـن يـروي معالينـا
ولا يرون سـوى أغلاطِنـا أبـدًافنقدُهُمْ صارَ فـي أهوائهـم دينـا
وشتْمُهُمْ هو محضُ النصحِ عندهـمُوردُّنـا هـو زورٌ مـن مغاوينـا
لحومُهُـم عندنـا مسمومـةٌ أبـدًاولحمُنا صارَ تحت النقـدِ سردينـا
فنحـن عنـد الحداثييـن قافـلـةٌمن الخوارج نقفـو النهـجَ تالينـا
أما الغـلاةُ فإنـا عنـد شيخهمـولسنـا ثقـاتٍ ومـا كنـا موامينـا
ونحن فـي شرعِـهِ خُنَّـا عقيدتَنـامـن بائعيـن مبادينـا وشاريـنـا
حتى السياسي مرتابٌ ولو حلفـتْلنـا ملائكـةٌ جــاءوا مزكيـنـا
كم مولَعٍ بخلافـي لـو أقـولُ لـههذا النهـارُ لقـالَ الليـلُ يضوينـا
إذا طلبنـا جليـسًـا لا يوافقُـنـاواديه ليس علـى قـربٍ بوادينـا
فتاجـرٌ لاهـثٌ ألهتْـهُ ثـروتُـهعبدَ الدراهمِ قد عـادى المساكينـا
وجاهلٌ كافرٌ بالحرفِ ما بصُـرَتعينـاه سِفْـرًا ومـا أمَّ الدواوينـا
ومعْجَـبٌ صَلِـفٌ زاهٍ بمنصـبـهتواضعٌ منـه فضـلاً أن يماشينـا
فالآن حلَّ لنا هجرُ الجميـعِ وفـيلـزومِ منزِلِنـا غُـنْـمٌ يواسيـنـا
نصاحبُ الكُتُبَ الصفـراءَ نلْثِمُهـانشكو لها صخَـبَ الدنيـا فتشكينـا
تضمُّنا من لهيبِ الهجـرِ تمطِرُنـابالحبِّ تُضحِكُنـا طـورًا وتُبْكينـا
ما في الخيامِ أخو وجـدٍ نطارِحُـهحديـثَ نجـدٍ ولا خـلٌ يصافينـا
فالزمْ فديتُـك بيتًـا أنـتَ تسكُنُـهواصمتْ فكلُّ البرايا أصبحوا عينـا
شكرًا لكم أيها الأعـداءُ فابتهجـواصـارت عداوتُكُـم تينًـا وزيتونـا
علَّمتمونا طِلابَ المجـدِ فانطلقـتْبنـا المطامـحُ تهدينـا وتعليـنـا
جزاكم اللهُ خيرًا إذْ بكـم صلحـتأخطاؤنا واستَفَقْنـا مـن معاصينـا
دلَلْتُمونـا علـى زلاتِنـا كـرمًـاوغيرُكُـم بِسُكـارِ المـدحِ يُعمينـا
فسامِحونـا إذا سالـتْ مدامعُـنـامن لذعِ أسياطِكُـم كنتـم مصيبينـا
تجاوزوا عن زفيرٍ مـن جوانِحنـاحلمًا على زفراتٍ فـي حواشينـا
ثنـاءُ أحبابِنـا قـد عـاقَ همتَـنـاولـومُ حسادِنـا أذكـى مواضينـا
ماذا لقينـا مـن الدنيـا وعشرتِهـاعشاقُها نحنُ وهـي الدهـرَ تقلينـا
على مصائبهـا ناحـتْ مواجعُنـاومـن نكائدِهـا ذابــتْ مآقيـنـا
تغتالُـنـا بدواهيـهـا وتنحـرُنـاصـارتْ مخالبُهـا فينـا سكاكينـا
والآن في البيتِ لا خِلٌّ نُسَـرُّ بـهإلا الكتـابُ يناجيـنـا ويشجيـنـا