يحدد ما هو (مسموح) وما هو (ممنوع) فاذا جاء بالمسموح وعمل بالواجبات المدرسية
المقررة نجح وفاز، وإذا مارس الممنوع وعمل بخلاف مقررات المدرسة وقانونها فإنه
سيناله العقاب وسيكون من الخاسرين النادمين.
وحال الشاب أو الفتاة في سن التكليف الشرعي، أي السن الذي يتعين فيه عليهما الالتزام بمقررات الشريعة الاسلامية، هو حال هذا الطالب في التزامه أو انفلاته.ولذلك فان من اللازم الضروري لكل شاب مسلم وفتاة مسلمة دخلا مدرسة الاسلام ان يتثقفوا باحكام دينهم، كما يتثقفوا بضوابط وشروط وقواعد القيادة حينما يقدمون على إجازة السوق التي تبيح لهم التنقل بسياراتهم في شوارع المدينة، وتحدد لهم ما هو (مسموح) وما هو (ممنوع).
وكما للمرور قانونه.. وللمدرسة قانونها.. وللمؤسسة قانونها، وللنادي الذي ينتسب اليه الشباب قانونه، كذلك فللإسلام قانونه الذي يحدد حركة السير بالنسبة للإنسان المسلم، فهل يصحّ أن تتحرك في شوارع الدين من غير أن يكون لك إلمام بقواعد السير في تلك الشوارع؟وهذا هو الذي نقصده بـ(ثقافة الحلال والحرام) أي ان الشاب والفتاة المسلمين لا يقدمان على عمل الا اذا رأيا ان في ذلك رضا لله تعالى، ولا يتركان عملا الا اذا رأيا ان في ذلك سخطا لله غضبا.
فاول ما يلفت النظر في هذه الثقافة الشرعية سؤال وجيه قد يطرحه بعض الشباب:
اليست هذه الحدود التي حددها الله تعالى هي ضد حرية الإنسان؟ اليست قيودا تقيد حركته أن تقول له (افعل) و(لا تفعل)؟قد تبدو المسألة في الظاهر كذلك، لكن قانون المدرسة او قانون السير أو قانون الدولة إنما وضعا لمصلحة الطالب والسائق هناك والمواطنين هنا، ولو لا هذه
القوانين لاختلط الحابل بالنابل ولأصبحت الاضرار والمفاسد هي التي تحكم الناس.وعلى ضوء ذلك، لا يمكن لشاب مسلم دخل عالم الالتزام والتكليف والمسؤولية الشرعية وهو يجهل احكام دينه، انه لا شك سوف يرتطم بصخور الحرام تماما كما يرتطم السائق بالمخاطر، أو كما يرتطم معصوب العينيين بكل ما يعترض طريقه.وحتى يحصل الشباب على ثقافة الحلال والحرام في الاسلام، لابد من التذكير بعدة أمور:
1. اننا كشباب لا نملك امكانية تحديد الحلال والحرام بانفسنا، فقد يقول العقل بحرمة شيء لكن النفس الامارة بالسوء قد تدعو إلى تحليله، ولئلا تكون الشريعة عرضة للتلاعب والاهواء فقد اشار الاسلام الى ما هو حلال وما حرام، وكان ذلك على عهد النبي (ص) سهلا يسيرا لانه هو الذي كان يبين هذه المسائل للناس مباشرة.اما اليوم فنحن نسأل علماء الفقه والشريعة المتخصصين لنتعرف احكامنا، وهم يبحثون في كتاب الله وسنة نبيه (ص) لتعريفنا بحلالنا وحرامنا، أي اننا نرجع اليهم كما يرجع المريض الى الطبيب وصاحب القضية الشائكة الى المحامي او القضاء، فالجاهل في شيء لابد أن يرجع للعالم به حتى يستنير بعلمه.
2. ان الشريعة الإسلامية سمحاء لا تخالف عقل الإنسان ولا تضطهد رغباته ولا تحجر على حريته، بل هي مصممة اساسا لمنفعته ومصلحته، واذا صادف الشاب او الفتاة حكم فيه نهي أو منع فهو تماما كالمنع الذي نقرأه على غرفة توليد الكهرباء في المصنع والتي كتب عليها (خطر الموت) أو وضعت عليها جمجمة وعليها علامة (×) او كمنع الطبيب للمريض من تناول اشياء مسموحة لكنها باتت مع المرض ضارة بصحته. وبالتالي فـ(الممنوع) في الإسلام، ليس ضد الحرية بل هو (حفاظ) و(احتراز) و(دفاع) عنها حتى لا تكون حرية منفلتة توقع صاحبها في الاذى النفسي او الجسدي، أو تتسبب في اذى الآخرين نفسيا أو جسديا.
3. ان دائرة (الحلال) وهو ما عبرنا عنه بـ(المسموح) واسعة جداً، كلها مصالح ومنافع، حتى لو لم ندرك تلك المصالح والمنافع. وان دائرة (الحرام) والتي عبرنا عنها بـ(الممنوع) كلها مفاسد واضرار حتى لو لم نعرف مكمن الفساد والضرر فلقد تعبدنا الله باحكامه لانه الأعرف بما يصحلنا وما يفسدنا، وذلك اشبه شيء بوصفة الطبيب الخبير التي نعمل بها بدقة كاملة تقديراً منا لخبرة الطبيب المختص.ومن تبع (عالما) أو خبيرا أو مختصا على درجة عالية من العلم.. وهو (جاهل) فعليه اطاعته.. اليس هذا ما يقول به العقل والمنطق؟ فليس كل الاحكام مبررا او مفسرا أو محللا تحليلا علميا، وانما نتعبد بها لأنها حلال الله وحرامه.. أي قانونه..
أو وصفته الطبية..
4. ان الحلال والحرام في الاسلام ليس محددا بالعبادات من صيام وصلاة وحج وزكاة فقط، ولا بالمعاملات من زواج وطلاق وبيع وشراء فقط، بل مساحتهما واسعة سعة الحياة نفسها، فالشباب اليوم يجدون ان الشريعة تتحدث عن الحياة بكل مرافقها وآفاقها، وهكذا هي في الحقيقة والواقع، فما من شيء الاّ ولله فيه حكم.
5. ان الشريعة الاسلامية ليست قوانين جامدة لا تتغير، فهي احكام (ثابتة) واخرى (متغيرة) وقد يتغير الثابت اذا طرأ عليه عنوان ثانوي يحوّله من (الحليّة) إلى (الحرمة) وبالع**. فالصوم واجب لكن وجوبه قد يسقط وقد يتحول الى حرام في بعض الحالات لمن يكون في صيامه ضرر عليه، الامر الذي يعطي للتشريع مرونته التي تتناسب وتطورات الحياة ومشكلاتها.وباختصار فان الشريعة الاسلامية تنطلق من مصلحة الانسان، وليس فيها حرج عليه (ما جعل عليكم في الدين من حرج)، والاصل في الاشياء الاباحة والسماح، وفي
الحلال (الواسع الطيب) غنى عن الحرام (الضيق الخبيث) ومن عظمة التشريع الاسلامي انه اباح المحظور الممنوع في حالات الضرورة القصوى.وحتى يكتسب الشباب ثقافة الحلال والحرام فان (كتبه) متوافرة مبذولة وقنواته كثيرة مفتوحة.. وعلماءه ينتشرون في كل مكان.. وقد يسرت سبل الاتصال السريع ذلك كله بحيث لم يبق عذر لمعتذر.
احمد
و المبدأ في الاسلام استفتي قلبك ولو افتوك… يعني القلب السليم المتربي على التعلق بالله حق التعلق وليس مجرد اداء فروض هو من يستطيع تطويع حياته ليوجهها لله وكم سيرى من فرق ومن سعادة
ولا يستطيع الفرد البالغ الحر لوم اهله بل عليه ان يبدأ هو بالبحث ليس عن الاحكام انما عن تربية نفسه و توجيهها و غرس مبادئ التقوى و اعتماد التوكل و الدعاء … وغيرها من الاساسات النفسية العملية التي تساعده في توجيه ذاته
الحقيقة اخي موضوع رائع اتمنى من الجميع قراءته ونقده بشكل موضوعي
وانشالله هناك المزيد
احمد