تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الحقد الأمريكي يتجلى أرقاماً

الحقد الأمريكي يتجلى أرقاماً

  • بواسطة
بعد ما يقارب من العامين مضيا على العدوان الأمريكي على العراق الباسل المجاهد ، وفي أعقاب غزوٍ وإحتلال واضح وصريح للوطن والعمل على تجزئته عملياً ، وتفتيت مجتمعه الموحد إلى أثنيات وطوائف متناحرة ، يغتال بعضه البعض الآخر ، بغض النظر عن طبيعة الأدوات المحلية أو الأجنبية وإنتماءاتها القومية ، تكشفت الحقائق العينية الملموسة والمعلومات الحسية الملموسة . وكانت كنوز الثروات النفطية قد أصبحت أسيرة الشركات النفطية الأمريكية ، والحضور الأمني الموسادي في العراق : سواء بالتفجير أو سرقات الآثار بات ملموساً للمتابع الحريص على مصلحة الوطن العراقي ، والحـريص على مسـتقبله الذي ينبغي أنْ يكون لذاته وفي سـبيل ذاته ، والتواجد العسكري الأمريكي مكشوفاً ، وما ترتب على هذا الوجود من إجراءات سياسية ع**ت الهيمنة الأمريكية المكشوفة على كل جوانب الحياة العراقية وفي شتى المضامير .

وسارت الخطوات الأمريكية وفق مؤشرات التخطيط الإستراتيجي للمحافظين الجدد ، ذوي الأيديولوجية العنصرية ، خلال فترة ما بعد الإحتلال ، هي المعْلَم الرئيس لكل المنهج المضاد للوطن العراقي ، وتمريرها بسلاسة تفكير اللصوص الذين يتوقعون السيطرة على غنيمتهم ، وما أدركوا أنَّ الذين سهلوا لهم غزوتهم بتصفيق المريدين المرحبين ، هي أكاذيب قد جرى توظيبها في كيان الإغتصاب الصهيوني ، والمخابرات المركزية ، والأجهزة الفارسية القومية في تنظيم ((الساواما)) الأمني ، هذا المثلث الشرير المضاد للعراق : كوطن ومجتمع توحدهما الدولة ، هو مَنْ نسج فرية تصفيق العراقيين للمحتلين الغزاة .

اليوم بعد هذه المدة الطويلة على وجود الغزاة المحتلين ، تعاود الأسلحة الأمريكية صراخها المسعور ضد الوطنيين العراقيين في مختلف المناطق ، ويكشر العسكريون الأمريكيون ، ومن خلفهم الحلفاء المتعددي الإرتزاق ، والعملاء الأذناب من مرت**ة حكومة علاوي ومجرمي الغدر ومأجوري البشمركة المتخصصين في القتل والإغتيالات ، ضد كل وطني عراقي حر وشريف ومخلص ، وهم يقتلونه بالرصاص والحاويات التي تضم في خزائنها القنابل الإنفلاقية ، وتقصف الطائرات مدينة الفلوجة الباسلة في محاولة ل**ر إرادتها الوطنية الشامخة ، وتنفيذ حملات الإبادة بحق المواطنين عبر الإستخدام الواسع للدبابات والمدافع والقتل العشوائي ! .

ويصمت مَنْ كانوا يدعون الحرص على حياة الشعب العراقي بالأمس القريب ، ويتباكون اليوم على الشرطة والحرس الوثني ، ذارفين دموع التماسيح على الأفراد التي تتساقط منهم ، محولين المسألة الكلية المتمثلة بالإحتلال الأجنبي وغزو القوات المؤلفة من كل شاكلة ولون ـ والتي يبلغ تعدادها ما يزيد عن 150 ألف عسكري مدجج بالسلاح ، ناهيك عن أدوات القتل الذي ترافقهم ، والشركات الأجنبية المصاصة لدماء العراقيين والمسـتحوذة على الثروات الوطنية ، والمرت**ة المجلوبين من كل أنحاء العالم ، متفجعين على ((المتفجرات الظالمة)) التي تطيح برؤوس الشرطة والحرس ، ألم يفجروا مراكز الشرطة والقيام بإغتيال عناصرها سابقاً ؟ ألم يقتلوا أفراد الجيش العراقي في الشمال ؟ ألم يسيروا دورياتهم لإغتيال العناصر التي كانت تتواجد على الحدود العراقية الإيرانية ؟ فما بالهم يتباكون اليوم على الضحايا التي تسببوا بقتلها في الأمس ، والتي كانت بياناتهم العسكرية تضج في وقائعها التي تتفاخر بجرائمهم المنكرة ؟ ! .

اليوم ينز الحقد التوراتي من فم وزير الدفاع/العدوان الأمريكي دونالد رمس فيلد ، وتقول أرقامه أنَّ حوالي 600 فرداً من أبناء الفلوجة الأشاوس قد قتلوا خلال الأيام الثلاثة ، من غير البيوت التي سويت بالأرض ، والمستشفيات التي أُزيلت من الوجود ، والقتل العشوائي الذي لا يمكن إحصاء ضحاياه ، أنه الرغبة اليهودية وشهيتهم المفتوحة للفتل بدم بارد الذي يستهدف العرب والمسلمين ، هل أُصبنا بمرض ما يسميه البعض بالتفسير التأمري للتاريخ ؟ هل أصابتنا عقدة رمي كل شيء في مكمن الرؤية الصهيونية اليهودية ؟ أبداً ، نقولها بالفم المليان لمن يحاول أنْ يتثاقف علينا ، ولكل مَنْ يحاول فلسفة الرؤية الأمريكية المتصهينة ، بترديدها ببغاوياً كمحفوظة دعائية يعمد إلى نشرها الصليبيون المتصهيون . . . لنقرأ ما أفاضت به توراتهم :

((هيئوا لبنيه (أي العراق) قتلاً بإثم آبائهم)) وهو دعاء يردده اليهود أمام حائط المبكى إلى يومنا هذا ، ومنه أيضاً ((وكل مَنْ وُجِدَ يطعن ، وكل مَنْ إنحاش يسقط بالسيف ، ويحطم أطفالهم أمام أعينهم ، وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم . . . . ها أنذا عليك يانينوى ، فأكشف أذيالك إلى فوق وجهك ، وأري الأمم عورتك والممالك خزيك ، وأطرح عليك أوساخاً وأهينك وأجعلك عبرة)) ، ولبابل مثل نينوى نصيبها في أناشيد اليهود التي يرددونها صباح مساء : ((إقطع بابل إسماً ونسلاً وذريةً ، وإجعلها ميراثاً للقنفذ وآجام مياه وأكنسها بمكنسة الهلاك ، لاتعمر بابل إلى الأبد ، ولا تسكن إلى دورٍ فدور ، بل تربض هناك وحوش القفر ويملأها البوم)) إنها مقاطع موروثة من تربيتهم الفكرية التوراتية ، وقد تحولت إلى وعي أيديولوجي في أذهان المحافظين الجدد ، وتتملك نوازعهم الفكرية ونزعاتهم السياسية/النفسية .

لذا فهم يقتلون بدم بارد ، وما نموذج الإبادة الجماعية في الفلوجة التي يمارس أمام أنظار كل العالم . . . ماهذا النموذج إلا الـ((شعيرة)) اليهودية التي مورست من قبل في لبنان : مجازر صبرا وشاتيلا ، ومجازر دير ياسين والدوايمة وغزة في وعموم المجازر التي أُرتكبت في المخيمات الفلسطينية وفي المقدمة منها مخيم جنين البطل ، اليوم مدينة الفلوجة المعاصرة هي بابل التاريخية خلال الوقت الراهن . . . وهي نينوى المُتصورة في الوعي اليهودي ، كما يجري تطبيقها الشاروني / الرامس فيلدي في الفلوجة المقاومة الشامخة بمجاهديها الأشاوس الأبطال .

لقد برز الشرك كله . . . الكفر كله للإيمان كله ، تلك الصرخة المحمدية (ص) التي إنبثقت من صلابة الدعوة الإسلامية في يوم واقعة الخندق التي إندحر فيها المشركون ، يعاد الإعتبار لها على كل الصعد المحفزة لكل فعل وطني عراقي وقومي عربي وحضاري إسلامي ، وبالضد من كل الرؤى الصهيونية ـ الصليبي للإدارة البوشية المهيمنة على القرار السياسي في واشنطن ، أنهم المحافظون الجدد وبرامجهم العنصرية ضد العرب المسلمين المقاومين المجاهدين . . . فلنكن على مستوى المسؤولية فالفوز بالحياة يجب أنْ يتسح الجميع بمثُُل الشهادة في سبيل الوطن والأمة والحضارة العربية الإسلامية .

12 / 11 / 2024 باقر الصراف

كاتب عراقي مقيم في هولندا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.