هاهي أوراقُ أعوامي تتساقط عاماً بعد عام , لكل ورقةٍ طعمٌ ولونٌ وريح …كل ورقة تمثل سمةً بارزةً في طريقي " الطويل " هكذا هى الأيام بين أخذٍ وعطاء …فرحٌ وحزن , بسمةُ ودمعة , لقاءٌ ولوعةٌ , هكذا تأخذنا اليوم فنسير فر ركابها ثم نصحو ! ولكن لات حين مناص !
قرائي الكرام …
مرّ عام وانقضى , ليحلق بركب أصحابه من قبل , فبقيتُ حيناً أراجعُ سجل هذا العام …أيام أعلن فيها التوقف !
أراجع فكرتي ودربي …
أما فكرتي " فأنا لاأقول الا مااعتقد , ولاأعتقد الا ما أسمع صداه من جوانب نفسي , فربما خالفتُ الناس في أشياء يعلمون منها غير ما أعلم , ومعذرتي إليهم أن الحق أولى بالمجاملةِ منهم , وأن في رأسي عقلاً أجلّه عن أن أنزل به الى أن يكون سيقةً للعقول , وريشةً في مهاب الأغراض والأهواء "
أما دربي فهو الطريق نحو الهدف المنشود , والرايةِ المنصّوبه !
هذه خواطر قبل البدء …
واليكم اليوم ورقةَ عامي المنصرم , قد تساقطت من شجرة عمري لتلحق بصويحباتها , شكلاً واحداً , وبين مضامينها ما بين السماء والأرض …
ورقةُ 1445 هــ
رأيتها فأحببتها , وماكنت أعرف الحب قبلها …
كان قلبي في ظلامٍ حالك لايرى حتى نفسه ! فلما أشرق فيه الحبّ أشرقت فيه نفسي بإذن ربها , وأشرقت بين جوانبي شمسٌ ساطعة , لها من الشمس نورها وجمالها , وليس لها منها حرّها ولذعتها !
كنتُ أشعر قبل اليوم كأن قلبي في كونٍ ليس به أحدٌ من العالمين الا أنا وقضيتي , أو صحراء أعيش فيها وحيداً موحشاً لاأعرف القلوب , أو أعرفها وأنكرها , فلما أحببتُ رأيتُ بين جانبه قلباً يؤنسه ويزيل وحشته , فوجدتُ بين جوانحي من اللذةِ والغبطةِ مالو قسم على القلوب ماخالطها حزنٌ ولا مسها ألم !
كنت أسمع بالسعادة ولا أفهم معناها غير أني كنت أسمعهم اذا ذكروها ذكروا بجانبها القصر والحديقة , والفضةَ والذهب , والسلطة والجاه ..فلما أحببت اعتقدت الا سعادةَ في الدنيا غير سعادة الحبِ , وأيقنتُ أن الناس جميعاً إنما يطلبون سعادة الأجسام لا سعادة النفوس , فمثلهم كمثل الدفين المكفّن بالحرير , وباطنه مسرح الدود ومرتع الهوام والحشرات !
أحببتها قبل أن أعرف عنها شيئا سوى انها تحبني , فكأنني ما منحتها قلبي الا لآنها منحتني قلبها , وهو ثمنٌ قليل في جانب هذه المنحةِ الغالية التي ما كنتُ أحدثُ نفسي بها , ولا كانت تستطيع أن تمثلها في عيني خواطر الأماني , ولاسوانح الأحلام !
عشتُ دهراً بين أقوام لايعنيهم أمري ولا يهمهم شأني , وذقت من آلام الحياة ومكابدتِ الكروب مالا تستطيعه نفسٌ , فسمعت من يسألني : كيف حالك ؟
ومن يقول لي :ما أشد جزعي لمصابك ؟ ومن يتباكى رحمةً بي وإشفاقاً عليّ , ولكني لم أرى بجانبي يوماً من الأيام عيناً تدمع ولا قلباً يخفق !
رأيت من يحبُ جمالي كما يحبّ تمثالاً متقن الصنع , ومن يحب مالي كما يجب كيسهُ أو خزانته , ومن يعجب بحديثي إعجابه بروايةٍ بديعه , لكني لم أرى في حياتي من يحبُّ ذاتي !
أما اليوم فقد وجدتُ بجانبي القلب الذي يخفقُ لأجلي , والعينَ التي تبكي في سبيلي , والنفسَ التي تحبني لا لشئٍ سواي , فقليل لها مني أن أمنحها حياتي فكيف أبخلُ عليها بقلبي !
وقد يتسائل احد …وهل ذلك الصخر له قلبٌ يحب , أو عينٌ تنظر , وهل تغيرتِ الدنيا في عينِ ذلك الفتى الذي عاش أكبر من عمره , وقضى زهرةَ ايامه دون أن تجذبهِ نظرة , ولاتهزهُ خطره!
نعم …حين تكونين أنتِ ….فقط !
والسلام
اما اقحام كل شئ هنا
فلا …
لاخوفاً
لكن لكل مقام مقال ..
ولكن وضح لي إذا تكرمت إلى ماذا ترمي بالضبط ، إقحام ماذا مثلاً ؟
وربي يوفقك في حياتك اليديده

لاتقحم مواضيع شخصية هنا …
او اخذ جزء من الكلمات لنشكل منها رصيدا من الجدل …
نظرةٌ ادبية فنيه مرحبا بها منك عزيزي …
لا تطلق حكماً مسبقاً على من يريد نقد خاطرتك هذه ولا تسم نقده جدالاً .. سيأتيك النقد قريباً بإذن الله ، وستقرأ بأم عينيك ما يسرك إن شاء الله .
نبدأ بما أسمَيتَه خواطر قبل البدء .
أوراقُ أعوامي تتساقط عاماً بعد عام ,
إنك لما شبهت أعوامك بالأوراق ، ثم جعلت الأعوام تتساقط بدل الأوراق ، طمست الصورة ، فكان الأولى أن تقول على سبيل المثال لا الحصر : ( تتساقط ورقة ورقة .. ) أو ( .. تباعاً ) ، وفيه أيضاً انقطاع غير سائغ للصورة ذاتها ، لأنك تابعت بعدها تناول صورة الورقة ، فقلت : ( كل ورقة تمثل .. ) .
هكذا هى الأيام بين أخذٍ وعطاء …فرحٌ وحزن , بسمةُ ودمعة , لقاءٌ ولوعةٌ ,
المعطوفات التي جاءت بعد المعطوفين الأوليين مرفوعة ، لماذا ؟ أليس تتعدى إليها ( بين ) .
هكذا تأخذنا اليوم فنسير فر ركابها ثم نصحو ! ولكن لات حين مناص!
لعلك تقصد ( في ركابها ) بدل ( فر ركابها ) وتعثرت أثناء طباعة النصّ ، وأيضاً ، لا يمكن أن تسير ( أقول تسير ) في ركاب وأنت نائم أو غافل حتى تقول : ( ثم نصحو ) ، فلو قلت : ( .. تأخذنا اليوم في ركابها ثم نصحو .. ) لكان أليق .
مرّ عام وانقضى , ليحلق بركب أصحابه من قبل ،
من قبل ماذا ؟! .. هم أصحابه من قبل وليسوا كذلك من بعد ؟! .. ( من قبل ) هنا ليست في محلها .
" فأنا لاأقول الا مااعتقد , ولاأعتقد الا ما أسمع صداه من جوانب نفسي , فربما خالفتُ الناس في أشياء يعلمون منها غير ما أعلم , ومعذرتي إليهم أن الحق أولى بالمجاملةِ منهم , وأن في رأسي عقلاً أجلّه عن أن أنزل به الى أن يكون سيقةً للعقول , وريشةً في مهاب الأغراض والأهواء "
قرأت هذه القطعة في مقالة لرافضي يعتد فيها بالرفض ، لذلك خرج بها وعليها شؤم مذهبه ، والمهم أنك يا آجري قد اخترت إلصاقها في خاطرتك فعليك تبعة اختيارك ، سواء كان ذلك الرافضي ناقلاً لها أو كاتبها ، فاختيار المرء قطعة من عقله كما يقال .
فربما خالفتُ الناس في أشياء يعلمون منها غير ما أعلم ,
إن كان ما يعلمون هو الحق فليس من الحكمة أن تقول بخلافهم محتجّاً أنك تعلم غيره ، وكأنك تقول : سأبقى على رأيي ما دمت أجهل الحق الذي معهم ، وكان الأجدر أن تنتصر لاختيارك وتحتج له فتقول مثلاً : ( فربما خالفت الناس في أشياء أعلم منها ما يجهلون ) .
ومعذرتي إليهم أن الحق أولى بالمجاملةِ منهم ,
من يعتذر عن جنايته في هذا اللفظ هو أنت ، وواضح أنك تريد أن تجعل العذر لهم ، فالصواب أن تقول : ( ومعذرتي لهم .. ) ، وإن كان الحق لا يُجامَل ، بل يُتبَع عن طيب نفس .
وأن في رأسي عقلاً أجلّه عن أن أنزل به الى أن يكون سيقةً للعقول ,
وكان يُجزئك أن تقول مثلاً : ( وأني أجل عقلي أن يكون سيقة . ) ، إذ البيان هو معنى معتبر في لفظ مختصر .
أما دربي فهو الطريق نحو الهدف المنشود , والرايةِ المنصّوبه!
لم تبين كنه طريقك ولم تعين هدفك ولم تصف رايتك ، وهكذا تصير هذه العبارة خاوية من أي معنى .
ننتقل الآن إلى ما أسمَيتَه ورقة 1445 هــ
لم أستغرب منك يا آجري وقد ادعيت من قبل أنك دكتور وأنك متخصص في الشريعة أن تأتي الآن إلى نصّ يخص الكاتب المصري المعروف " مصطفى لطفي المنفلوطي " في كتابه الشهير " النظرات " وتنسبه لنفسك ، مع بعض التغييرات المدسوسة طبعاً ، ظنّا منك أن لا أحد يقدر على كشفه مشوّها ، ولكن أقول : من صنع حفرة لأخيه وقع فيها ، فهذه التغييرات كانت في النص مثل قطع العلقم في العسل ، برهاناً على جنايتك ، وإن كان النصّ الأصلي محلاّ للنقد أيضاً .
أمّا هذا النص المشوّه فقد تمحور حول العشق المذموم شرعاً وعقلاً ، وفيه الكثير مما يرَدّ ، فمن أحب أحداً لذاته منفصلة عن صفاته لن نلومه في حب إبليس ، ولن نصدق دعواه الحب النقي الصافي وقد رهنه بنظرة ، ولن نتردد في تخطئة من يجعل عشقه سبباً لحياة قلبه وإشراقة نفسه وأنس روحه ، لأنها أمور لا تحصل إلا بحب الخالق جل وعلا .
كنتُ أشعر قبل اليوم كأن قلبي في كونٍ ليس به أحدٌ من العالمين الا أنا وقضيتي ,
هذه العبارة من تغييراتك أنت على كلام المنفلوطي . لماذ قلت : ( قبل اليوم ) ؟ أليست خاطرتك عن الماضي ، كان الأنسب أن تقول مثلاً : ( قبلها ) أو ( قبل ذلك اليوم ) ، أما قولك : ( أشعر .. كأن قلبي في كون ليس .. ) قول ضعيف ، يوحي إلى القارئ أنك لست أكيداً من شعورك ، وقوته أن تقول مثلاً : ( أشعر .. أن قلبي .. ) دون ( كأن ) ، أو تقول مباشرة ( كان قلبي في كون ليس به أحد … ) ، أما قولك : ( إلا أنا وقضيتي ) هذا قول مبهم جداً ، إذ ليس ثمة إيحاء إلى كنه قضيتك ولو بالظنّ لا في أول الخاطرة ولا في وسطها ولا في آخرها ، والقصد إنها عبارة زائدة بلا زيادة معنى .
أو صحراء أعيش فيها وحيداً موحشاً لاأعرف القلوب , أو أعرفها وأنكرها ,
المنفلوطي رحمه الله قال : (( أعرفها ثم أنكرها )) ، وأنت أبدلت واو العطف بـ( ثم ) ، ولو أبقيت عبارته على ما كانت عليه لسلمت من الخطأ . كيف تعرفها وتنكرها ؟ كيف يقع فعلان نقيضان على شيء واحد ؟ إنك إما تعرفها وإما تنكرها . وأيضاً ، الأصح أن تقول : ( أو في صحراء .. ) لأن حرف الجر هنا لا يتعدى إلى المجرور إذا فصل بينهما فاصل .
فلما أحببتُ رأيتُ بين جانبه قلباً يؤنسه ويزيل وحشته ,
( بين جانبه ) خطأ ، والصواب ( رأيت بجانبه ) كما هي في النص الأصلي .
وأيقنتُ أن الناس جميعاً إنما يطلبون سعادة الأجسام لا سعادة النفوس ,
هل شققت عن قلوب الناس جميعاً ؟! هذا من المبالغات الممجوجة الموهنة للمعنى . كررت لفظ السعادة وكان يكفي أن تقول : ( يطلبون سعادة الأجسام لا النفوس ) وأبلغ منه أن تقول : ( يطلبون سعادة الأجسام . ) دون زيادة ، فعقل القارئ يدرك دلالة المقابلة من غير لفظ يدل عليها .
أحببتها قبل أن أعرف عنها شيئا سوى انها تحبني ,
في بداية خاطرتك قلت : ( رأيتها فأحببتها .. ) ، فأيهما تريد ، أحببتها بعد أن رأيتها أم أحببتها بعد أن عرفت حبها لك ؟ ، وبشكل أدق ، إن في قولك : ( رأيتها فأحببتها .. ) إيحاءاً بأنك أحببتها بعد أن نظرت إليها مباشرة ، في مشهد سريع ومفاجئ ، ولكن قولك : ( أحببتها قبل أن أعرف عنها شيئا سوى انها تحبني ) مشهد يستغرق وقتاً تحتاجه من إجل إدراك حبها لك مهما كانت وسيلتك ، فأيهما حصل ؟ .. أليس هذا تذبذب يتهم العاطفة في صدقها ؟
فكأنني ما منحتها قلبي الا لآنها منحتني قلبها ,
مرة أخرى ، ( كأن ) تضعف الصورة ، وقوتها أن تذكرها ذكر الحقيقة فتقول مباشرة : ( ما منحتها قلبي إلا لأنها .. ) .
وذقت من آلام الحياة ومكابدتِ الكروب ..
الصحيح ( مكابدة ) بالتاء المربوطة .
عشتُ دهراً بين أقوام لايعنيهم أمري ولا يهمهم شأني ,
وهذا يقتضي أن لا أحد يسألك عن حزنك أو مصابك وأن لا أحد يجاملك أو يواسيك ، ثم تناقضت فقلت :
.. فسمعت من يسألني : كيف حالك ؟ ومن يقول لي :ما أشد جزعي لمصابك ؟ ومن يتباكى رحمةً بي وإشفاقاً عليّ ..
أنتظر ردّك يا آجري .

نريد أن نسمع رأي الطرف الآخر .. فلعل لديه ما يدفع به عن نفسه.
من السهل أن أكتب ما أشاء في المنتدى، لكن من الحكمة أن أعرف من سيقرأ ما أكتب.
( بو حارب ) قبل أن تناقش الجزئيات .. دعنا نعرف الفكرة الأساسية في النص.
ماذا يريد ( الآجري ) أن يقول ؟

كنت أريد أن أناقش الفكرة الأساسية ، ولكني خشيت أن يقال أبو حارب يفتح ملفات قديمة ، لذلك جعلت اعتراضي وسط ما قدرت عليه من النقد ، فإن كان مني ما يستحق التصويب فلا تحرمني من الفائدة لا حرمت منك .
ولا نزال ننتظر الآجري ليدفع عن نفسه .