الجوهرة المفقودة :
====================
كانت جماعة من الناس تمتلك جوهرة غالية الثمن نادرة في وجودها ، براقة المظهر، جميلة المنظر لكن هذه الجماعة فرطت في حراستها وأهملتها لتعبث بها يد الأقدار ..فتاهت تلك الجوهرة في دروب الحياة وفي الأ**ة المظلمة وظلت تنتقل من مكان إلى آخر تبحث هنا وهناك عن ملجأ تلتجئ إليه حيث أنهكها لفح الهجير في الصحاري القاحلة وأذهب ببهائها البرد القارس .. كما أنهكها الصعود لذرى الجبال والنزول للأودية السحيقة فلا تكاد تستظل بفيء شجرة ما كي تستريح من عناء السفر المضني حتى تأتي غمامة سوداء تدفعها الرياح العاتية لتلبد السماء بها فتتساقط الأمطار على جسمها المكدود ..فتظل تقوم على عوامل التعرية محاولة الحفاظ على رونقها ومنظرها البراق..
وبينما هي سائرة ذات يوم وإذا بها تبصر كهفا وكأنه ينبغي بالحياة يناديها وكأن يدا من داخله امتدت تلوح لها وكأن صوتا من داخل الكهف يناديها : أيتها الجوهرة إنك على وشك الاقتراب من شاطئ الأمان فهيا إلى داخلي كي أمنحك السعادة الأبدية .
أنا الذي سأسكنك بين جدراني التي طالما داعبها الشوق لهذا اللقاء .. نعم أيتها الجوهرة الغالية إنني كهف يبحث عن ساكنيه منذ زمن طويل ولطالما حلمت بهذا اللقاء المبارك حيث كنت أسمع عنك الحكايات ، واسمك الجميل كان يتردد على شفاه الناس حين يمرون بس ..
عند ذلك أحست الجوهرة بأن شيئا ما قد حدث وأن الله قد استجاب دعاء من لم تزل محبتها في قلوبهم وان بصيص الأمل قد لاح فأخذت تقترب بخطى بطيئة نحوهوهي تترنح من شدة الإعياء ترتجف في داخلها ألوانها الزاهية .. فإذا بها وهي لا تكاد تصدق ما ترى تسترخي بين ثنايا الكهف المشتاق وتستغرق في سبات عميق ، أحست وبعد أن استيقظت من نومها وقد عادت إليها حيويتها بأن الذي آوت إليه ليس كهفا محفورا في عمق جبل لا.. إنه قلب ينبض ..يتدفق الدم الساخن بين شرايينه إنه قلب آدمي ممتلئ بشتى صنوف العاطفة الجياشة ويدفق عليه من كنوز المحبة كلماته الرقيقة المفعمة بالحب الصادق..
فرحت الجوهرة فرحا شديدا وراحت تمد كلتا يديها لتعانق شرايين القلب وهي تستمع إلى صوت الدم المتدفق فتغفو على أنغامه تارة وتستفيق أخرى ، وكذلك كان القلب المتعطش لها ، يرعاها يداعبها ومن شدة فرحته بها راح يفتش عن القلوب الأخرى التي كانت ترتقب عودتها سالمة .. فمر وقرع أبوابها ومد شرايينه لتتصل بشرايين تلك القلوب كي يسمعها عبر تلك الخيوط الرفيعة أنشودة العودة التي كانت تنشدها الجوهرة بأحلى الكلمات وأعذب الألحان ، وهكذا سرت القلوب بعودتها وراحت تتسلق ذرى المنابر وتعلن للملأ عودة الجوهرة الثمينة المفقودة .
أخذت القلوب تتهامس وتعلوها الفرحة وترتسم على شفاهها الذابلة بسمة عريضة فقرروا الاحتفاء بعودتها إليهم حيث ساقتها يد الأقدار لهم بعد طول الغياب.
وبإرادتهم الصلبة يتحقق الأمل المنشود فتتشابك الأنامل وتلتقي الألف ويتغنى بها الشعراء فترى هنا وهناك يافطات الترحيب تحمل اسمها فصارت أنشودة في فم الأطفال . ترف لها أفئدة الشباب فما أجملها من جوهرة وما أجملها من عودة .
نعم . . هذه هي القصة الفريدة للجوهرة المفقودة والتي لم تنته بعد فما كاد الناس يمسحون و يجففون دموع الفرح من مآقيهم حتى عاد الإعلان عن الاحتفاء بعودتها يطرح من جديد ، فانبهرت بذلك العقول وتطاولت الأعناق ، كل يريد أن يرى هذا الحدث الجديد قبل الآخر .. وجوهرتها لم تكن تعلم بأن أيدي القدر ستعود ثانية لتقذف بها في هاوية سحيقة بعيدة الغور لا يعلم مداها إلا الله ..نعم أيها القارئ العزيز لم يكن في حسبان جوهرتنا أن هناك قلوبا نثر عليها الزمان فترة .. وسكب في جنابها من مقلتيه الربقتين قذاه قلوب ما زال الحقد المتأكد عبر مر السنين ينخر في شريانها التاجي ويقطع أوردتها المتهرئة حيث آلت إلا أن تقتل الفرحة في الصدور وتخنق البسمة في الثغور فعملت والشيطان يؤازرها على إدخال فكرتها الجهنمية الإبليسية المشاعر ، في القلوب الطيبة ، قائلة لها أتدرين أيتها القلب كيف يمكن لنا أن نحافظ على جوهرتنا من الضياع ؛ أجابتها القلوب الطيبة مندهشة وعلامة الحيرة بادية عليها .. : لا .. فقالت : إن القلب الذي عاد بها إلينا قلب موبوء ونخاف منه عليها ولا حلا جذريا يجدي نفعا سوى سوى استأصاله من بيننا.
وما بين ليلة وضحاها تقرر القلوب المخدوعة وهي محاطة بالأفئدة المريضة التخلص منه وذلك بإيداعه في غرفة الحجر الصحي وقد غاب عن بالها أنها بهذا العمل المشين قد هدمت الكهف الحصين الذي لاذت به الجوهرة .. وهكذا شيئا فشيئا وبعد مرور برهة قصيرة تفقد الجوهرة لتنتهي القصة من حيث ابتدأت .. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان .. وما جزاء الأفئدة إلا الإيداع في غرفة العناية المركزة بمستشفى الوعي الاجتماعي .
=========================================
اسامة
وذلك من خلال الرد على هذه الموضوعات المتواضعة …………………
شكرا من كل قلبي لك والى كل شخص يرد على هذا الموضوعات المتواضعة ………
==================
اسامة ……….