تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأسرة المسلمة والتحد يات المعاصرة

الأسرة المسلمة والتحد يات المعاصرة 2024.

  • بواسطة

الأسرة المسلمة والتحد يات المعاصرة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياءوخاتم المرسلين… وبعد:
فإن الأسرة هي نواة المجتمع، وهي الحصن الحصين الذييضمن تماسكه واستقرار نسيجه الاجتماعي والثقافي.
لقد اعتنى الإسلام ببناء الأسرةمن خلال منظومة عقدية وقيمية متناسقة وشاملة، يقوم أساسها على تحقيق مبادئ عظيمة،من أهمها: العدل والمحبة والرحمة، كما قال الله – تعالى –: {ومن اياته ان خلق لكممن انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة}، وقال تعالى: ان الله يامربالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي}.
والمتأملفي واقع الأسرة المسلمة اليوم يجد أنها بدأت تفقد بعض تأثيرها ودورها الريادي فيبناء الشخصية الإسلامية الفاعلة؛ وذلك بسبب الضعف الملحوظ في البناء الإيمانيوالتربوي لبعض الأسر، وبسبب ضعف الثقافة الأسرية؛ لهذا وغيره من الأسباب ظهرت فيالمجتمع مشكلات كثيرة ومتشعبة، وزاد من حدتها وتنوعها الانفتاح الثقافي، وطغيانالعولمة الإعلامية والاجتماعية، وأصبحت الأسرة المسلمة تتعرض لتغيرات سريعة من خلالغزو ثقافي ومفاهيمي في كثير من مكوناتها، كما تتعرض لتحديات خطيرة تهدد هويتهاوتماسكها واستقرارها.

وهناك نوعان من التحديات التي تواجه الأسرة:
أولاً: تحديات داخلية.
وثانياً: تحديات خارجية.
وفي كلا مسارَيْ هذه التحديات تتفرعتحديات أخرى اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية كثيرة، ولن نستطيع في هذه الندوةالقصيرة مناقشة كل المشكلات والتحديات التي تواجه الأسرة، لكن حسبنا أن نثيرالاهتمام بهذه القضية الحيوية، ونقدم بعض الرؤى العلمية والعملية للنهوض بالأسرةالمسلمة.
وفي مطلع هذه الندوة من المفيد أن نؤكد على المسائل التالية:
أولاً: لا بد من الإقرار بأن دور الأسرة التربوي والاجتماعي قد انحسر في كثير منالمجتمعات، في الوقت الذي توسع فيه تأثير الفضائيات والانترنت ونحوها من وسائلالإعلام والاتصال، وأصبحت كثير من الأسر تتخلى عن مسؤوليتها التربوية، المنوطة بهاشرعاً وعقلاً، وأخذت تعتني ببعض الشكليات المادية والاستهلاكية!
إن إعادةالتوازن التربوي، وترسيخ دور الأسرة الاجتماعي من أولى الأولويات التي تسهم فيتماسك المجتمع ورقيه؛ وهذه المهمة التربوية ينبغي أن تأتلف عليها كافة مؤسساتالمجتمع، وفي مقدمتها المؤسسات التعليمية والاجتماعية والإعلامية، كما أن المسجدبروافده الدعوية المتعددة هو المحضن العظيم الذي يبني الإطار العلمي، ويرسم السبيلالقويم لتربية المجتمع وتوجهه نحو العمل الجاد والبناء الصالح.
ثانياً: لا بد أننعترف بوجود مشكلات مزمنة في المجتمع، نلمس آثارها في ارتفاع نسب الطلاق والاعتداءعلى الزوجات، وعضل النساء، والعنف ضد الأطفال، وجنوح الأحداث، وانتشار الخموروالمخدرات… وغير ذلك، وإدراكنا لهذه المشكلات يجب أن لا ينسينا الخير الكثير الذيينتشر في المجتمع؛ ومهمةُ أهل الرأي والعلم قراءةُ هذا الواقع بموضوعية وإنصاف دونتهويل أو تهوين، ثم بناء الخطط العلمية لحفظ كيان المجتمع والدفع به قدماً نحوالتقدم والبناء.
ثالثاً: اجترار الشكوى والاستمرار في جلد الذات لن يغير منالواقع شيئاً، كما أن التغاضي عن المشكلات سيجعلها تتجذر وتنمو في المجتمع؛ لذاينبغي السعي لإيجاد المؤسسات الاجتماعية المتخصصة التي تتصدى لمشكلات الأسرة بوعيوعلم، كما ينبغي أن تتكاتف الجهود الرسمية والأهلية لتحقيق ذلك.
رابعاً: نحن ـالمسلمين ـ أَوْلى من غيرنا في عنصر المبادرة لاستنقاذ الأسرة وحماية كيانهاالاجتماعي، ولا يجوز شرعاً ولا عقلاً أن نتهاون في ذلك؛ حتى لا نقدم للمنظماتالدولية ذريعة للتدخل في شؤوننا الخاصة، ونَقْضِ سيادتنا السياسيةوالاجتماعية.
خامساً: من المهم أن نستفيد من خبرات الآخرين في المنظمات الدولية،لكن مع استحضار خصوصيتنا العقدية والثقافية؛ فديننا الحنيف يأمرنا بالعدل والرحمة،وينهانا عن الظلم والاعتداء، لكن مصطلح (العنف الأسري) وغيره يأخذ أبعاداً غيرشرعية أحياناً عند بعض المنظمات الأممية، وفي مواثيقها الدولية، ومن المفيد جداً أننعي أبعاد الواقع الدولي حتى نتعامل معه ببصيرة وفهم.
وها هنا يأتي دور الدعاةِوالمصلحين وأهلِ الرأي في حفظ هوية المجتمع، ورعاية ثقافته وجذوره العقديةوالاجتماعية. ولن يتحقق ذلك إلا بمزيد من الحيوية والتفاعل مع قضايا المجتمع،وتجديد آلياتنا الدعوية، لتكون أكثر نضجاً وعمقاً.
إن مجلة البيان في إعدادهالهذه الندوة تتقدم بخالص التقدير والامتنان لصاحب المعالي الشيخ صالح بن عبد العزيزآل الشيخ على رعايته لهذه الندوة، وحرصه على تحقيق التواصل والتعاون على البروالتقوى؛ فشكرَ الله ـ تعالى ـ لمعاليه، وجعله مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر،ومباركاً أينما كان.
والشكر موصول لجميع المشاركين والحاضرين .. جعلنا اللهوإياهم من المتعاونين على البر والتقوى .. وصلى الله على محمد وآله وصحبهوسلم.
ــــــــــــــــــــ
المصدر مجلة البيان
أحمد بنعبد الرحمن الصويان
رئيستحرير مجلة البيان
رئيسرابطة الصحافة الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.