السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التقيت بها بعد فتره انقطاع طويلة أذهلتني وأسعدتني بتلك الشخصية الرائعة التي رأيتها عليها فهي (لم تكن كذلك ) هي الآن ملتزمة باللباس الشرعي، ولسانها لا يفتر في الدعاء لها ولبنات المسلمين.
دار بيننا حديث طويل انتقلنا من عالم الطفولة وذكرياته إلى أيام الدراسة وتصرفاتنا البريئة، وكيف تغيرت كل واحدة منا مع تغير الظروف والأيام حدثتها عن دور الرفيقات الطيبات اللواتي قدمن لي يد العون لا ستمر في طريق الخير والنور الذي رسمته لنفسي . أما هي فلقد حدثتني ودمع ندي تحاول أن تخفيه وراء جفنيها ؛ وقد شعرت أن قشعريرة تسري في جسدها.
قالت لي (بصوت مرتعش ) : كنت كعهدك بي ؛ امضي يومي بين عبث ولعب وبين صفحات المجلات وروايات العشق والغرام .
وفي ذات يوم ارتكبت محرمات كثيرة من أكاذيب كنت أحسبها بيضاء، ومن هجر للصلاة وسهر على أفلام إن كان لا عبرة فيها إلا الفساد، أقفلت الجهاز على مضض وذهبت إلى غرفتي لأنام وما أن جلست على سريري إذا بي أجد نفسي نائمة في حفرة ضيقة جدا، شعرت أن أضلعي تت**ر من شدة ضيقها، أردت أن أنهض وأرفع رأسي لكن شيئاً اصطدم برأسي.
يا الهي ما هذا ؟ هذا ليس فراشي الوثير الناعم الذي أنام عليه! وما هذا الشيء الذي اصطدم برأسي ؟
أسمع أصوات أقدام فلا أرى أحداً، لا أرى إلا ظلمة موحشة ولا أشتم إلا رائحة رطوبة نظرت إلى نفسي ما هذا اللباس الذي أرتديه ؟ تسريحة الشعر، كيف اخرج من البيت بهذه الهيئة ( تسريحة غريبة ثلاث ظفائر ).
جاءني ملكان إن كنت ستسألين كيف عرفت انهما ملكين؟ سأقول لك أني هكذا شعرت وقتها ؛ بدءا يسألاني عن محمد عليه السلام وأنا صامته صمت الجاهلة المستغربة ؛ شعرت أني أصبحت قوتا لديدان الأرض، وأن تلك الأفعى أحاطت بجسمي وأنا اصرخ بأعلى صوتي.
وإذا بنور أشعر به ويد تمسح على شعري ، إذا بها أمي، لقد استيقظت فزعة على صراخي ؛ تنهدت تنهيدة من أثقلتها الهموم قلت لأمي: الحمد لله، كان حلما حدثت أمي بما رأيت، وكيف أن الحلم أخافني فشعرت فعلا أني كنت في القبر ، أدركت وقتها أن الحياة دار ممر لا دار مقر .. قلت لها كيف نسيت *** عمي الذي توفي رحمة الله وهو في ربيع عمره من كان يصدق أنه توفي في حادث سير أثناء خروجه ن الجامعة ؟ كيف تقبلنا خبر وفاته كنا ما بين مصدق ومكذب؟
يا إلهي ما أشد بلاهتي .. لماذا لم أتعظ ؟ لكن يبدو أن الإنسان تمر به المصائب الثقال فينساها يمرض فيتمنى الموت ثم يشفى فينسى المرض .. يموت بعض أحبابه فيألم حتى يعاف العيش .لماذا لم أضع نفسي مكانه؟
كيف سألاقى خالقي ؟ ألاقيه بذنوب وآثام تنوء من حملها الجبال؟ تركتني أمي بعد أن شعرت أن الطمانينه قد عادت إلي لكن هيهات أي طمأنينه تلك وأنا أحمل من الذنوب ما أحمل؛ فالموت حقيقة قاسيه رهيبة تواجه كل حي لا يملك لها رداً، ولا يستطيع أحد أن يمنعها.. لكن المصير مختلف ( فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز)
كان يجب علي أن أسرع قبل حلول أجلي .. باب العفو مفتوح دائما والتوبة تغسل النفوس مهما تراكمت عليها أوضار الآثام والذنوب متذكرة قوله تعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)
ومن ذلك اليوم قطعت عهدا على نفسي . أن أكون صادقه مع ذاتي ومع ربي ؛ ارتديت ثوب الحياء والعزة .. أصبحت لا اقطع فريضة أبدا ولا أأخرها عن وقتها أتجنب السماع والإنصات لتلك الأغنيات التي كنت حريصة أشد الحرص على سماعها واقتناء تلك الأشرطه ؛ أحاول أن أرشد من ضلت عن طريقها وتاهت في دروب الحياة الفانية .. أسرد لها قصتي لعلها تتعظ وتتدبر.
تركتني رفيقتي بعد أن تبادلنا عبارات المجاملة لكنها تركتني مع كلامها الذي وجدت نفسي أفكر في الموت وسكرته وصعوبة كأسه ومرارته .. في هادم اللذات إذا هجم علينا، إنه يقهر كل جارحة . العقل يشوشه، اللسان أبكمه ويبسه، الأطراف قد خدرها، والنظر ينقطع، ولا يعرف المحتضر من الدنيا شيئا، تفكرت كيف ندخل على القبر محمولين؟ ونقرب من الأرض لننزل في حفرة عميقة وظلمة موحشة ينزلنا أحب أحب***ا وأقرب أقربائنا لنستقر في اللحد.
( بسم الله وعلى ملة رسول الله ) نوضع على الجنب الأيمن ويكشف الغطاء عن وجوهنا ويوضع اللبن على اللحد .. ويبدأ بإهالة التراب علينا، ثم إذا فرغوا قال أحدهم: استغفروا لأخيكم وأسالوا له الثبات إنه الآن يسأل.
يذهبون ونبقى نحن أمواتا، الأيام القادمة نأكل مما جنته أيدينا، إن زرعناها بخير أكلنا الثمر الجيد الطيب، وإن كنا مزارعين بلهاء أكلنا ثمرا غثا.
يا للموت من حاكم ما أعدله .. ومن وعد ما اصدقه .. وكفى بالموت واعظا ومفزعا للقلوب ومبكيا للعيون ومم**ا للجماعات هادما للأمنيات .
قفي مع نفسك أختي عسى قلبك الطاهر أن يلتقط الكلمات ونفسك الصافية أن تستغلها
منقول