و أقوى شاهد على أن هذا خيار طالبان هو الانسحاب السريع و المفاجئ من جميع الجبهات و المدن هذا الانسحاب قد فاجأ جميع الأوساط و خاصة أن طالبان لم تخلف وراءها أي ضحايا تذكر إلا القليل من الجرحى أو القتلى .
و يبدو أن القصف المركز بواسطة القاذفات بي 52 الأمريكية و التي تقذف بقنابل تستخدم لأول مرة في الحروب و التي تزن الواحدة منها اكثر من 8 طن عجل في خيار طالبان بالانسحاب من المدن و بدء حرب العصابات و خاصة أن هذا القصف المركز توجه ناحية الخطوط الدفاعية لطالبان و التي بنيت على أساس تقليدي مكونة من خنادق على شكل أنساق متتالية مما سهل للغارات الأمريكية أن تؤتي ثمارها و يذكر أن الروس أرسلوا للتحالف الشمالي أكثر من 50 دبابة من طراز تي 50 الحديثة التجهيزات كما قدمت الولايات المتحدة التكتيكات العسكرية على الأرض و كثيراً من الذخيرة و مع تحطم قوة طالبان أصبح الميزان العسكري يميل إلى جانب المعارضة بشدة.
و حرب العصابات تلك تحقق عدة مكاسب على المستوى الإستراتيجي لطالبان :
أولا : اختيار الميدان الذي تجيده طالبان و هو الجبال حيث تبدأ منها حرب العصابات و هذه الحرب تجيدها طالبان كثيرا و سبق أن أرهق المجاهدون الأفغان الروس بحرب طويلة الأمد انتصر فيها المجاهدون في النهاية.
ثانيا : المسارعة بتفجير التحالف من داخله فكل واحد منهم يريد السيطرة على الحكم و هذا التحالف يضم في صفوفه ثلاث مجموعات الطاجيك بزعامة رباني و محمد عطا و إسماعيل خان و الأو**ك بزعامة رشيد دوستم و الهزارة الشيعة و كل منهم يريد النصيب الأكبر من الكعكة في الحكم وقد سبق أن تقاتل هؤلاء الأطراف فيما بينهم أكثر من مرة.
ثالثا : تجنيب المدنيين مزيدا من الإصابات و القتل و التشريد فالتمسك بالدفاع عن المدن و التحصن داخلها كان سيعرض المدنيين للقصف الصاروخي من جانب المعارضة و المعاناة التي لا ينساها خاصة أهل كابول أيام حصار حكمتيار لها و تحصن مسعود بداخلها بعد انسحاب الروس مما أدى إلى خسائر كبيرة على المدنيين و مزيد من التضييق و كلنا نذكر خيار باسييف و خطاب في بداية حرب الشيشان عندما اختاروا البقاء في جروزني و الدفاع عنها أمام جحافل الروس و مواجهة الحصار المحكم مما أدى إلى مقتل كثير من المدنيين و لكنهم تداركوا الأمر و انسحبوا منها بعد أن شقوا طريقا بصعوبة وسط الحصار الروسي و اخترقوه و لكن بعد أن أسفر عن قطع أرجل باسييف .
رابعا : تجميع الباشتون حول طالبان و هم يشكلون أكثر من 60 % من الأفغان خاصة أن المعارضة الأفغانية تتشكل من الأقليات مثل الطاجيك و الأو**ك فماذا يفعل الباشتون و هم يرون الأقليات يسيطرون على حكم أفغانستان باستيلائهم على العاصمة .
خامسا : يتيح الانسحاب بدون قتال لطالبان و القاعدة و بخسائر أقل ما يمكن تذكر للاحتفاظ بالقسم الأكبر من قواتهم سليمة مما يجعل قواتهم في حالة كمون استعدادا للانطلاق في مرحلة جديدة و لهم مثال في النموذج الشيشاني حيث يخوضون حرب عصابات ناجحة منذ أكثر من سنتين و مجرد صمودهم أمام الآلة الحربية الروسية يصنع فجرا جديدا طال انتظاره .
سادسا : وضع الإنسحاب يدل على عقلية تكتيكية لمن يقف خلفه فقد وضع خيار المواجهة البرية على أرض الواقع فإما أن تستخدم القوات الأمريكية جنود التحالف الشمالي في الواجهة و هؤلاء ليسوا على مستوى المواجهة المطلوب أمام قوات طالبان و القاعدة المتمرسين في المواجهات البرية و قد سبق أن اندحروا أمام هذه القوات و باتوا لا يسيطرون إلا على شريط ضيق من الأرض قبل التدخل الأمريكي و قد يقول قائل و لكن الطيران الأمريكي الضربات الجوية قد أعطت لهم بعدا و زخما جعل من قوات طالبان تنسحب و لكن هذا كان في المدن و القرى حولها حيث من السهل ضرب الجيوش بالطيران و لكن الأمر مختلف في المناطق الجبلية الوعرة حيث تمركز طالبان و الخيار الثاني أمام أمريكا فهو نزول قواتها البرية و فرقها الخاصة و هذا ما يريده المجاهدون و يتمنوه أن يلاقوا الأمريكيين وجها لوجه و هنا تقع الكارثة بالنسبة لأمريكا و أمريكا تدرك هذه الحقيقة جيدا و ليست غافلة عنها و لهذا فالوضع ازداد تعقيدا أمامها .
سابعا : سقوط المدن يخفف الضغط الأمريكي خاصة و التحالف الغربي الصليبي بصفة عامة على المجاهدين في أفغانستان و يجعله يركز على أهدافه الأخرى مما يعطي فرصة لالتقاط الأنفاس و يمكِّن من عملية إعادة الحسابات و المراجعات للمرحلة الماضية بمكاسبها و خسائرها.
ثامنا : لاشك أن انسحاب المجاهدين قبل اكتمال المشاورات لتشكيل الحكومة الموسعة التي أعلن عنها الأمريكيين قد أربك الحسابات الأمريكية و أوقعها في مأ** كبير و خاصة أنها قد جلبت الأخضر الإبراهيمي و عنان و حشدت اجتماعات مجموعة الستة + 2 أي الدول الستة المحيطة بأفغانستان ( طاجي**تان – أو****تان – إيران – با**تان – تركمانستان -الصين ) بالإضافة لروسيا و أمريكا كل ذلك لضمان بقاء الوضع في صالح أمريكا بعد رحيل طالبان.
تاسعاً : هذا الانسحاب وضع الحكومة البا**تانية في موقف حرج فهي قد سعت منذ بداية الأزمة على إشراك طالبان أو الباشتون في الحكم بحيث يكون لهم الحصة الغالبة لضمان بقاء أفغانستان كعمق استراتيجي يحمي المصالح البا**تانية و كذلك عملت على عدم سقوط كابول في أيدي التحالف المعادي لها و الذي تؤيده الهند العدو التاريخي لبا**تان و لكن الآن الوضع تغير و أصبح الامتداد الطبيعي لبا**تان عدو لها و يضاد لسياستها و مصالحها بل أكثر من ذلك فإنها تعرضت لخديعة أمريكية حين صدقت في أنها أمرت المعارضة بعدم دخول كابول ثم أعلنت أنها لا تستطيع السيطرة على المعارضة و لاشك أن هذا التصرف الأمريكي قد زاد الشكوك البا**تانية في أمريكا و أهدافها في المنطقة و منها أنها جاءت لتحتوي سلاح با**تان النووي و تقضي عليه و بذلك استحقت با**تان أن توصف بأنها أكبر الخاسرين من الضربة الأمريكية.
عاشرا : التأييد الشعبي البا**تاني قد أخذ بعدا جديدا بانسحاب الطالبان من كابول و سيطرة الطاجيك و الأو**ك عليها مما سيثير ضغينة الشعب البا**تاني في اتجاهين :
الأول / من الناحية العقيدية فقد ثبت التآمر الغربي الصليبي على أفغانستان هذا التآمر الذي تمكن من إزاحة أول حكم اسلامي قوي في العصر الحديث و هذا سيحي إن شاء الله الروح الإسلامية و العقيدية في نفوس الشعب البا**تاني الحريص على اسلامه ليس كأي شعب آخر حيث أن با**تان الدولة الوحيدة في العصر الحديث التي قامت على الإسلام .
الثاني/ من الناحية القبلية : فإن با**تان تتكون من أربع مقاطعات رئيسية : البنجاب و السند و الشمالية الغربية و بلوشستان و هاتين الأخيرتين يتكرز البشتون فيهما بنسب عالية حيث يمثلون في الشمالية الغربية الغالبية في حين يمثلون في بلوشستان نسبة تقترب من 40 % و انهزام باشتون أفغانستان كما هو واضح اليوم يثير حفيظة باشتون با**تان و يدفعهم إلى مزيد من الضغط على حكومتهم لمساندة طالبان و باشتون أفغانستان و هذا ما ستثبته الأيام القادمة .
وبعد أن خرجت حكومة طالبان الإسلامية من كابول وغيرها من المدن الأفغانية صار رأس التحالف الصليبي القوات الأمريكية بين خيارين أحلاهما مر عليها:
1-الاكتفاء بالدعم اللوجستي والعتاد العسكري لقوات التحالف الأفغانية ، وهذا الطريق سيء وحسن على الحسابات الأمريكية أما كونه سيئا عليها فبسبب قلة القوات الشمالية بالنسبة لقوات طالبان خاصة وأن قبائل البوشتون التي ينتسب إليها أغلب السكان قد تعرض الكثير من أفرادها لمجازر رهيبة في المناطق التي احتلتها قوات العدو وكذلك الدعوات الشمالية لاستبعادهم من التركيبة الحكومية الجديدة ولن تنسى تلك القبائل مافعلته القوات الصليبية من مجازر رهيبة بحق شعب أفغانستان الأعزل من خلال القنابل الرهيبة المحرمة دولياً ، وبهذا لن تكون للقوات الشمالية أغلبية على الساحة الأفغانية ، مما يجعل حرب العصابات من جهة حكومة طالبان تستنزف أفراد القوات الشمالية .
وهذا الاحتمال فيه ربما تكون لها فائدة للقوات الأمريكية ، حيث تستطيع أن تتهرب تلك القوات من مسمى الهزيمة عند وقوعها وهذا الاحتمال دائما يبدع فيه الأمريكان دائماً والأمثلة قريبة جدا فما الصومال والبوسنة عنا ببعيدة فالخوف من الهزيمة في الصومال جعلها تتدخل باسم القوات الدولية ثم امتناعها بعد ذلك من التدخل في البوسنة خشية الوقوع في وحل الهزيمة التي لم تغب عن عقل الشعب الأمريكي منذ فضيحة فيتنام وعندما انتهت الحرب وسكتت المدافع ظهرت القوات الأمريكية بمظهر البطل الذي يحفظ الأمن ويقيم العدل .
2-المشاركة الفعلية للقوات الأمريكية في هذه الحرب ممثلة بقواتها البرية وهذا الاحتمال هو الذي لايجعل أمريكا تفرح بصباحها ولاتهنأ بليلها ، خاصة وأنها تقابل جيشاً الروح عنده أرخص مايملك بينما هي عند الجنود الأمريكان أغلى مايملكون .
وهذا الاحتمال هو الذي تتمناه قوات طالبان وقاعدة *** لادن وهو المتوقع حدوثه وبالتالي حق لنا أن نقول : إن أمريكا قد وقعت في فخ طالبان .
منقول من موقع مذكرة الاسلام
وهو صحيح … ويا ليت تنزل امريكا جنودها برا … حتى يروا ماذا يفعل جنود الله في ارضه بقوة ايمانهم ..
اللهم اصنرهم وثبت اقدامهم
<body onUnload="window.alert(‘اللهم انصر اخواننا الافغان ..اللهم انصر اخوننا الافغان … ادعوا الله أن ينصر جنوده في الارض ‘)">
بو زايد : شكرا على تواصلك