المطلب الثالث: العلم بقدرة الله التامة على كل شيء
إن العلم بهذه الصفة العظيمة، وهي قدرته على كل شيء يجعل الإنسان يخاف من أن يقدم على شيء من الشر، أو يترك شيئاً مما أمر به من الخير، لعلمه بأن الله لا يغيب عنه شيء، ولا يعجزه شيء وسيجازيه على علمه بما اقتضاه علمه.
وقد جمع الله تعالى بين علمه المحيط وقدرته التامة في قوله سبحانه وتعالى: )قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض، والله على كل شيء قدير( [آل عمران: 29].
والجاهل بصفة قدرة الله تعالى لا يبالي ما عمل من خير أو شر لأنه يظن أن لا حياة بعد الموت، لعدم وجود قادر على إعادته بعد موته، ولذلك كثر في القرآن الكريم إقامة الحجج على المشركين الذين أنكروا المعاد، والنصوص في ذلك كثيرة جداً، قال تعالى: )أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه، بلى قادرين على أن نسوي بنانه( [القيامة: 3-4] وقال تعالى: )فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب، إنه على رجعه لقادر، يوم تبلى السرائر، فما له من قوة ولا ناصر( [الطارق: 5-10] وقال تعالى: )أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين. وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم. قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون( [يس: 77-80].
فقد جمع هنا بين كمال قدرته وإحاطة علمه.
وقال سبحانه: )أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا( [فاطر: 44].
فالتربية على العلم بقدرة الله وعلمه المحيطين بكل شيء، ت**ب الفرد تقوى الله وخشيته، فلا يقدم على ما لا يرضاه، وت**به كذلك الثقة في إثابته على فعل الخير فيسعى للعمل بما يرضيه وترك ما يسخطه.