تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أثر التربية الإسلامية الحلقة

أثر التربية الإسلامية الحلقة 2024.

أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي (71)

الفرع الثالث

تمتيع المطلقة التي لم يدخل بها أو لم يسم لها صداق

قال تعالى: (( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ )). [البقرة: 236]

فالمطلقة التي لم يسم لها صداق، ولم يدخل بها الزوج، لها حق التمتيع بحسب قدرة الزوج، والظاهر أن الذي يحدد به المقدار هو العرف، لقوله تعالى: (( مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ )) كما أن الظاهر من الأمر الوجوب، وإن قال بعضهم: إنه للندب، ورجح كونه للوجوب القرطبي في تفسيره. [تفسير الآية سورة البقرة: 236].

ولعل المطلع على هذه الحقوق التي شرعها الله للمرأة، قبل الزواج وأثناءه، وبعد الفراق، يتضح له أن في تطبيقها كما أراد الله، يجعل المرأة في غاية من الأمن والسعادة للعناية الربانية بها، وأن نساء الأمم الكافرة ليتمنين أن يحصلن على شيء يسير من تلك الحقوق، التي تنالها المرأة المسلمة بتنظيم إلهي وأمر شرعي، إن لم يعطها من لها عليه الحق، أعطاها القائم على تنفيذ شرع الله.

وهذه الأمور التي ذكرت هنا هي أصول لحقوق المرأة بمنزلة الفهرس العام، أما جزئيات تلك الحقوق وتفريعاتها فقد احتوتها أسفار ومجلدات لعلماء الإسلام. وبتحقيق، هذه المطالب وما تفرع عنها يتحقق للركن الثاني من أركان الأسرة، وهي الزوجة، الأمن وعلى الركنين تقوم الأسرة الآمنة المطمئنة.

المبحث الرابع: حقوق الأولاد

وفيه تمهيد وثلاثة عشر مطلباً:

المطلب الأول: السعي في تحصينهم من الشيطان قبل وجودهم.

المطلب الثاني: العناية بهم في أرحام الأمهات.

المطلب الثالث: إظهار السرور بهم عند ولادتهم.

المطلب الرابع: ذكر الله في آذانهم عند ولادتهم.

المطلب الخامس: إشعارهم بالعناية بهم بغذائهم وتمرينهم عليه.

المطلب السادس: اختيار الأسماء الحسنة لهم

المطلب السابع: إظهار شكر الله على وجودهم بالذبح عنهم والاحتفاء بهم.

المطلب الثامن: العناية بتنظيفهم وإزالة الأذى عنهم.

المطلب التاسع: وجوب إرضاعهم حتى يستغنوا عن اللبن وكفالتهم حق يكبروا.

المطلب العاشر: تعليمهم العلم النافع وتربيتهم على العمل الصالح.

المطلب الحادي عشر: مراعاة أحوالهم واستعداداتهم وتوجيههم إلى ما يرغبون.[/COLOR]

المطلب الثاني عشر: تمرينهم على الحركة والعمل وتجنيبهم البطالة وال**ل.

المطلب الثالث عشر: إعفافهم بالنكاح عند الحاجة والمقدرة.

تمهيد

إن حفظ النسل ضرورة من الضرورات التي اتفقت عليها الأمم، وعنيت بها الشريعة الإسلامية عناية فائقة، فرغبت في النكاح، وحذرت من الإعراض عنه والزهد فيه، وأحب الرسول صلى الله عليه وسلم تكثير النسل، وحرم الإجهاض وقتل الأولاد، وحددت عقوبة في الاعتداء على الأجنة في أرحام الأمهات.

وبين ما يعود على الآباء من الخير من أولادهم في الدنيا والآخرة، وذلك كله وغيره دليل على مدى الاهتمام بالأولاد ومحبتهم، والاحتفاء بهم، ويترتب على ذلك العناية بهم روحياً وعقلياً وبدنياً.

وقد فصل ذلك كله في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرته المطهرة، كما فصل في كتب الفقه في أبواب خاصة، وأفردت له مؤلفات في القديم والحديث. [راجع الفصل الثالث من كت***ا: الإسلام وضرورات الحياة].

والمقصود هنا الإشارة إجمالاً إلى حقوق الأولاد، التي يكونون بها أعضاء آمنين مأمونين يستقيم بهم كيان الأسرة وتقوى آصرتها، ويكونون لبنات متماسكة في بناء الأمة الإسلامية الكبيرة.

المطلب الأول: السعي في تحصينهم من الشيطان قبل ولادتهم.

إن عداوة إبليس ل*** آدم ممتدة، من حين حسد أبا البشر آدم عليه السلام، وتسبب في إ***جه هو وزوجه حواء من الجنة، وهي مستمرة إلى أن تقوم الساعة، ولا يجد أي منفذ يلج منه لإغواء الإنسان إلا ولجه.

لذلك أمر الله سبحانه وتعالى الناس بالحذر منه والالتجاء إلى الله من خطراته، قال تعالى عن إصرار الشيطان على إغواء الإنسان بكل طريق..

(( قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ )). [الأعراف:14ـ17].

وأخبر سبحانه وتعالى أن الشيطان لا سلطان له إلا على من اتبعه ولم يعتصم بالله منه، أما من اعتصم بالله منه، فإن الله يحصنه منه..

قال تعالى: (( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ )). [النحل:98ـ100، وراجع خطر الشيطان على الإنسان ووسائل مجاهدته في كت***ا: الجهاد في سبيل الله: حقيقته وغايته (1/392ـ421)].

ومن فضل الله تعالى على المسلم أن بين له وسائل الاعتصام من الشيطان في الكتاب والسنة، في كل مجال من مجالات حياته: في مأكله ومشربه، ونومه ويقظته، ودخوله وخروجه وكل تصرفاته، وأهم وسيلة لوقاية المؤمن من الشيطان، هي ذكر الله تعالى..

كما قال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ )) [الأعراف(201)]

والمراد بالتذكر أن يذكر أن الله تعالى معه مطلع على كل ما يأتي ويذر، ويرغب في عفوه ومغفرته وهدايته وثوابه، ويرهب جبروته وقهره وعقابه…

ومن الأسباب التي يتخذها المؤمن لوقاية ذريته من الشيطان، ما أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إليه الرجل إذا أراد أن يجامع أهله، أن يسمي الله ويستعيذ بالله من الشيطان، ويطلب من الله أن لا يجعل له سبيلاً إلى ما ير**ه الله من ولد في ذلك الجماع.. وهي عناية من الله تعالى بالإنسان قبل خلقه أرشد إليها أباه حتى يُخلَق مولوداً سوياً سليماً من آفات الجسد وآفات القلب..

كما في حديث *** عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
( أما إن أحدكم إذا أتى أهله، وقال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما ر**تنا، فر**ا ولداً لم يضره الشيطان ). [البخاري (4/91) ومسلم (2/1058)].

فعلى المسلم أن يبدأ في السعي في تحصين ولده من هذا الوقت المبكر، الذي لا يدري أير** فيه ولداً أم لا، وهو دليل على أن العناية بالولد من قبل الوالدين تسبق وجوده.

بارك الله فيك وجزاك الله خير
شكرا على الموضوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.