وبهذا تبدأ صغائر الأمور في التحول إلى كبائر! فكثير من المحادثات تزيد حدتها بشكل سلبي لا لشيء إلا أن الشريك المستمع لهذا التعليق غير المناسب قد اتخذ موقف الدفاع وأخذ الأمور بجدية بدلاً من أن يلتزم روح الدعابة. وهكذا يجره عجزه عن الاحتفاظ بروح الدعابة إلى الرد على هذه التعليقات أو الجدال أو حتى المشاجرة .
يقول علماء النفس : عندما يأخذ الشخص كل الأمور بجدية تتغير حالته المزاجية وأسلوبه في الكلام ونبرة صوته بل وإشاراته مما يجعله حاد الطباع وقاس مما يزيد الفجوة بينه وبين الآخرين. وليس هناك إلا طريقة واحدة لتجنب ذلك والاستمتاع بحياتك الأسرية وتحقيق السعادة الزوجية وهي أن تتمتعي بروح الدعابة والقدرة على أن تسخري من نفسك، فبدون ذلك سينتهي بك الأمر بالمعاناة .
فإذا لم تتمتعي بروح المرح فهذا يعني أن علاقتك ستسير طويلاً في طريق وعر وسوف تعانين في علاقتك لأنك تتصرفين مع شريكك على أنك في موقف دفاعي تدرئين عن نفسك كل ما يوجه إليك من ملاحظات، وهذا بدوره سوف يزيد من ضعفك ويلقي عليه الضوء جاعلاً إياه يبدو بصورة أكبر بكثير.
والاحتفاظ بروح الدعابة يكون أثره أوضح ما يكون في تلك المناقشات الحادة بين الأزواج حيث تساعد هذه الروح في تخفيف حدة الموقف وانطفاء جذوته.
تقول إحدى الزوجات: ذات مرة خرجت وزوجي مع مجموعة من الأهل وكان زوجي كثير الكلام والتعليقات في ذلك اليوم فما كان مني إلا أن قلت له أمام الجميع : "إنك تتكلم كثيراً !! مما سبب له كثير من الإحراج، غير أنه كان أكثر مني ذوقا وعقلا إذ قال بكل لطف : "إنك على صواب فلا شك أني أستطيع السيطرة على حوار"، وهكذا استطاع احتواء الموقف قبل أن يتفاقم، وشعرت وقتها بالخجل من نفسي وبادرته بالاعتذار، وأخذنا الأمور بعدها بروح المرح حتى أننا أجرينا حوارا طويلا أمام الجميع لتقييم من منا يستطيع السيطرة على الحوار ؟!
فاعلمي أنك عندما تحتفظين بروح الدعابة وتستمرين على تواضعك سيشعر شريكك عندما يقسو عليك في كلامه وبالتالي يسرع إلى الاعتذار لك عما بدر منه من تعليقات. يقول الدكتور ريتشارد كارلسون الخبير في العلاقات الزوجية والأسرية: إذا نظرت حولك إلى العلاقات التي يسودها الحب والسعادة فستجدين دائماً أن كلا الشريكين في هذه العلاقة لديه القدرة على أن يسخر من نفسه، ولديه من الحكمة ما يجعله يجلس دون اكتراث عندما يبرز أحد عيوبه. وهذا يخلق بيئة آمنة حيث لا يكون فيها للمضايقات أي أثر سلبي، وحيث يشعر المرء بالأمان عندما يبدي ملاحظاته أو اقتراحاته، وبهذا تنمو العلاقة وتتعمق لأن كلا الشريكين يشعر بالأمان.
لا أقول لك أن تتنازلي وتسلمين بأنك مخطئة دائما بينما هو على صواب، ولكن تذكري أنه كلما كنت رائعةً رغب شريكك في قضاء وقت طويل معك، وإذا ما صدر منه أي تعليق أو ملاحظة عليك فقد يكون فيما يقول بذرة من الحقيقة، وحتى إن جانبه الصواب تماماً فيما يقول فمن مصلحتك ألا تشغلي بالك بالأمر وأن تأخذي الأمور ببساطة، فعندما تتمتعين بروح الدعابة ولا تأخذين كل الأمور بجدية فسيصبح من السهل جداً أن تتعاملي مع شريكك، ولن يشعر هو كما لو كان يسير على "قشر بيض" وهو يحرص على إرضائك وعدم مضايقتك. وفي نهاية الأمر سيغلب على علاقتكما الحب وتغمركما السعادة لا لشيء إلا لأنك قد استطعت أن تصنعي بيئة آمنة ممتعة .
بارك الله فيك..
وأحسن الله إليك…
واتمنى دائما المشاركة هنا حتى نستفيد مما تطرحينه..
وفقك الله