سأحكي لكم اليوم قصتي مع قريني، شيطاني الذي يوسوس لي ويؤذيني. ولا أخفيكم سراً أنني أشفق على هذا القرين، وأقول: مسكين .. سيسكن جهنم مع الكفرة المارقين.
اسمه ( شقيق )، وهو من أهل الفتن والتفريق، تعرفت عليه صدفة، عندما كانت أفكاري ملتفّة، وقريحتي متعجرفة. وكان يأتيني كلما ح**ني أمر، أو أطاف بي طائف الشعر.
ولكنني كنت أجفوه وأغلظ عليه، وأنسب كل أخطائي وزلاتي إليه. فلمّا رأى مني زهداً في مصاحبته، واجتهاداً في مدافعته. هجرني مدة من الزمان، تفرغت عندها لعمل الخير والإحسان.
وبعد انقطاع طويل، أراحني الله فيه من هذا الضيف الثقيل. رأيته ذات يوم يحوم حول الدار، ويتخفّى عن المارة والنظّار، ويلوذ بالجدران والأشجار.
بدا في حال من الإعياء، يمشي بقدم عرجاء، تسيل منها الدماء. يسير الهوينى ويرتاح، وكأنه يمشي على أسنة الرماح.
فتسللت من خلفه، وهجمت بكفي على كتفه، فارتاع منّي بادي الأمر وارتجف، ثم بشّ بعد أن عرفني وأردف: أهلاً ومرحباً بالحبيب، لقد اشتقت إليك شوق المريض للطبيب، والشاة الجرباء للذيب.
فأجبته: لا أهلاً ولا سهلاً بك أيها العدو الوَصول، و لا بارك الله ساعة القدوم والوُصول. ما هذه العبارات الغريبة، والمجازات المريبة ؟ منذ متى وأنا أعلمك العربية، وأقرع أذنيك بالعبارات الذهبية ؟ هل تشتاق الشاة للذيب ؟ وهل يقول هذا أديب أريب ؟
قال: لا تؤاخذني يا أبا فيصل، ما إن وقعت عيني عليك حتى نسيت العربية، وخفت أن تمسك علي أخطاء لغوية ؟ فارتبكت كما يرتبك الخاطب إذا سمع مهر العروس، وتذكر حسرته في ذهاب الفلوس.
قلت: وأين غبت هذه المدة يا خسيس ؟ هل حضرت اجتماعاً لزعيمكم الأكبر إبليس، في بلاد الصلبان والنواقيس ؟
قال: يا أبا فيصل .. دع عنك السباب، وأرحني من اللوم والعتاب. ألا يكفي ما أعانيه ؟ أوما ترى ما أنا فيه ؟
فلِنْتُ، وقلت: هات ما عندك يا أبا مُرَّة، وأرنا ماذا جلبت هذه المرة.
قال: أبلعني ريقي أيها الرفيق، وتمهل عليّ أخبرك بما عاينته على وجه التحقيق.
قلت: ماذا أقريك ؟ جذوة من نار، أم أبريقاً من الزيت الحار ؟
قال: هذا أنت لم تتغير منذ عهدي بك. لا تترك المزاح، حتى في حال الحزن والأتراح.
قلت: وماذا حدث لقدمك الدامية، يا *** الداهية ؟
قال: قصتي بعيدة عن التصديق، مع أنها تخلو من التنميق والتلفيق. لقد عزمت على الجهاد، لعل رحمة تصيبني من رب العباد. فقلت أعظم جهاد في هذا الزمان، هو جهاد الأمريكان، فقصدت بلاد الأفغان، لما أصبح لها من عظيم الشان، ولما ظهر فيها من كرامات الرحمن، لأهل اليقين والإيمان. فأخذت ذنب بقرتي، الذي أعددته لوقت حاجتي .. فأنت تعلم أننا معشر الأبالسة، نقاتل بأذناب البقر اليابسة. ثم أخذت موقعي في الصف، وتأهبت كي أكون مع الكتيبة الأولى في الزحف؛ حتى أكون أول الكارّين، وأفوز بشرف الأبطال الفاتحين.
وما هو إلا أن دوى النفير، وارتفعت أصوات المسلمين بالتكبير، حتى شعرت بقشعريرة الخوف تسري في الجسد، وكأن حول رقبتي حبل من مسد. فتعوذت من جدي إبليس الأكبر، وقلت: أتجلّد .. فالنصر لمن تجلّد وتصبّر.
فحملت على جنود بوش المنحوس، وجندلت الرؤوس، وشهدت وقعة كوقعة البسوس. لو تعلم كم تحمل الشياطين، من كره للأمريكيين. إنهم كفار فجار، يحركهم شعب الله المحتار.
( قلت في نفسي: آه لو يسمع كلامك يا شقيق بعض العرب، الذين يوادّون من كان في شقائهم السبب. إذا كانت الشياطين، تكره الأمريكيين، فما بال العرب المجانين، يريدون أن يربوا أبناء الجيل المساكين، على حب رأس الفتن، وجلاّبة المحن؟ )
ثم أكمل شقيق وقال: لكن أحد المسلمين هداه الله، وسامحه على ما سوّاه، ظنني مع الأعداء، ورماني كما ترمى الظباء. فأدمى قدمي، وأقام مأتم ندمي. فقلت لنفسي: أين أنت يا ملعون، من رحى المنون، التي تجعل العاقل مجنونا، والسعيد محزونا ؟ فتركت الحرب، وغادرت ميدان النهب والسلب. ورضيت من الغنيمة بالإياب، وقنعت من الذبيحة بالإهاب.
وأتيتك يا أبا فيصل بعد طول الفراق، تحث ركائبي نسائمُ الاشتياق.
( هل سمعتم بأعجب من هذا العجاب ؟ هل قرأتم مثله في مجلة أو كتاب ؟ الشياطين تجاهد، والمسلمون يتزاحمون على الموائد، ويملؤون البطون بالطيبات واللذائذ، ثم يلقون بجثثهم متخمين على الوسائد .. غفرانك يا رب العباد، أعدنا إلى طريق الهدى والرشاد. )
ثم إني ضيّفت شقيق بالمعوذتين، وتلوت عليه السورتين. وقرأت: " وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون ".
ومنذ ذلك اليوم وأنا أدعوه ( شقيق الأعرج ) .. أسأل الله أن يعسّر عليه المدخل والمخرج، وأن يحميني من أهل الهرج والمرج .. إنه ولي ذلك والقادر عليه، ومنه الفضل وإليه.
ما رأيكم يا سادة يا كرام ؟
تهمني آراؤكم. وأستفيد من نقدكم أكثر من ثنائكم.
وتقبلوا محبتي واحترامي .. أبو فيصل.
و الى سحائب الرحمن نائب
ليت شياطين الانس يعودون لمثل ما عاد
و يملاون السهول و الانجاد
بصرخة " الله و اكبر " على قوم بوش ذى الاوتاد .
و لى عودة اخرى
ان شاء الله
ابا فيصل
مقامة رشيقة و رائعة
بو فيصل أعتقد انه هالموضوع كان مفروض ينزل امس مب اليوم
أليس من أخرج أبوينا من الجنة جدّه اللعين ؟ أليس عدوّنا وبنو جنسه إلى يوم الدّين ؟ أيعقل يا أبا فيصل أن يخون إخوانه الأمريكيين ؟ ثم يرميهم من صفّ ح** الله المسلمين ؟ قرينك إذاً فلتة في الشياطين !
الحمد لله الذي أنعم عليك بما تضيفه , ويسّر قراه قرآناً يخيفه , فولّى هارباً والخذلان حليفه .
ماشاء الله لا قوة إلا بالله !
رائـــع رائـــــــع رائــــــــــــــــــــع !!!
أشعر أنني أحلق في أجواء العصر العباسي …
كأنها إحدى مقامات الهمذاني أو الحريري !
لي عودة بعد القراءة المتأنية .
هل سمعتم بأعجب من هذا العجاب ؟
هل قرأتم مثله في مجلة أو كتاب ؟
الشياطين تجاهد، والمسلمون يتزاحمون على الموائد، ويملؤون البطون بالطيبات واللذائذ، ثم يلقون بجثثهم متخمين على الوسائد .. غفرانك يا رب العباد، أعدنا إلى طريق الهدى والرشاد.
*****
لقد ابدعت ياابا فيصل ….. و قلت من القول مالايتعدى الحناجر..
وكثر البواكي والشياطين تسول وتنافق … ولم نسمع لا من قديم ولا من جديد من يقول ان الشياطين تجاهد ….
غابت اللغة العربية وغدت حروفها تسبح في لج لطم … فليس للمقامات هدف غير التناغم …. وأسمح ليّ القول وقد أوضحت القرائن
ولم نسمع أعجب من هذا ….. ولم نقرأ مثله لا في مجلة ولا كتاب
غفرانك يارب العباد ….. أعدنا إلى طريق الهدى والرشاد
محبك / السيف
يشرفني أنني حصلت على تواقيعكم الكريمة على مقامتي. ومن نافلة القول أن هذا شرف لي.
فالقاعدة تقول في هذا المنتدى: أنك متى وجدت اسم ( نبيل، شموخ النخيل، بو حارب، جمرة غضا، السيف ) فاعلم علم اليقين أنك تكتب للنخبة، وأنك تنتمي إلى زمرة المبدعين والمتميزين.
نبيل: أشكرك على تواجدك المستمر في مواضيعي. ونحن ننهل مما عندكم.
شموخ النخيل: أشكر لك تواجدك في موضوعي. لكنني لم أفهم ما ترمين إليه.
بو حارب: أشكرك على إتحافك مقامتي بهذا التعليق الراقي. والأمر كما قلت، فأنا لا أصدق شقيق في أي شيء يأتي به. إلا إذا أسلم وأعلن توبته.
جمرة غضا: ليس بدعاً عليك تذوق الأدب الراقي وأنت أستاذته. أشكرك وأنتظر نقدك.
السيف: لك مني كل محبة وتقدير، وأشكرك على كلماتك الرقيقة، وهذا ليس غريباً عنك.
لقد كنت متردداً في طرح هذه المقامة في المنتدى، وظلت حبيسة الأدراج ردحاً من الزمن. لكنكم تشجعونني دائماً، وتدفعون دماء الأدب كي تواصل مسيرها في عروقي. فلكم مني كل تقدير وإكبار.
اخوي بوفيصل انت تنتظر من قرينك انه يسلم ويتوب؟؟هالشي من رابع المستحيلات باستثناء
قرين النبي عليه الصلاة والسلام
طلع قرينك خبيث وثقافته امريكية لانه عق اللوم على المجاهدين في النهاية
بس ليش سميته شقيق؟!!
ونعوذ بالله من شر الشياطين
الثاني عشر من ديسمبر وقبله كان يوم الاحد الحادي عشر من ديسمبر
يبتلنا الإحباط و شو دخلك انت و شقيق بالمعرسين
وظلمة المقامة بحبسها في الادراج وظلمتنا لانك مامتعتنا بها قبل هالوقت
وننتظر تكملة المقامات الفيصلية….على احر من الجمر
قبل أن أبدأ في التعليق على ردود الأعضاء، أود أن أقول إنني اليوم أشعر بالسعادة منذ أن استيقظت باكراً. أقول هذا لأنني بالأمس عانيت من الهموم والضيق. أما اليوم – ما شاء الله – فأنا منشرح الصدر، صافي الذهن، أشعر بالرغبة في العمل والاندماج في الحياة.
اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر.
يا ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.
رضيت بالله ربا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً.
أسأل الله أن يسعد صباحكم أجمعين، وأن يكتب لكم فيه الر** الحلال الوفير، وأن يدخلكم في عباده الصالحين.
أما فيما يخص المقامة، فأقول للجويس: شكراً لك على المرور، وكلامك عن الشياطين فيه صواب كبير، فالشياطين والكفرة شيء واحد. أما بالنسبة لاسم ( شقيق ) فاسأليه هو لماذا اختار هذا الاسم لنفسه.
أما شموخ النخيل فأنا أتمنى أن تنزل إلى عقليتي البسيطة، وتشرح لي الذي ترمي إليه، فأنا لا أفهم بالتلميح. ماذا يعني الحادي عشر من سبتمبر؟ وما علاقة مقامتي بهذا التاريخ؟
أما شحم لحم فأقول له: والله حالة، آخر الزمن العصافير تناوش النسور. ( حلو هذا المثل يديد ) سامحوني أكتب للأخ شحم لحم بالعامية، لأن هذا هو مستواه. بسألك سؤال: فهمت المقامة.
لا الصراحة قوية وايد. شحم لحم فهيم وعقله كبير. تذكر يوم … وللا أقولك ما في داعي، عن الفضايح.
بس عاد، أحس إني شويتك وايد لين فحمت.
يا عزيزي شحم لحم: لا تيأس، الحياة تريد صراعاً، ولا تأبه لمن يلقي سلاحه وينهزم. واعلم أن طالب الزواج ليعف نفسه من الثلاثة الذين حق على الله أن يعينهم. ويقول عمر: عجبت لمن لم يطلب الغنى في الزواج. ولم يكن قصدي زرع الإحباط في نفوس العزاب، لكن الأدباء يخبطون ذات اليمين وذات الشمال، ويبحثون عن صورة مماثلة تقرب المعنى.
أما عن دخلي و ( شقيق ) في موضوع الزواج، فهذا سر بيننا، نتحدث عنه كلما زارني شقيق.
وأخيراً أقول للأخت فلانة بنت فلان: أشكرك على مرورك الكريم، وتقديرك لمقامتي. وتأخير نشرها كان لأسباب صحية تخص المنتدى. ولأسباب وقتية تخصني أنا.
وتقبلوا محبتي واحترامي .. أبو فيصل.