تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » القـوامة بين نظرتين

القـوامة بين نظرتين 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المستميتات في الدفاع عن حق المرأة في العمل من داعيات التحرر والفكر النسوي.. لا تقف وراء دفاعهن فلسفة إنسانية سوية تنظر إلي هذا الحق كفرع للتكامل بين شقي المجتمع – الرجال والنساء – أو كرمز لتكريم الإسلام للمرأة، ومن ثم نظرته إليها كإنسان كامل الهوية، من واجبه المشاركة في إعمار الأرض تحقيق الفقه الاستخلاف.
إنهن يعتبرن هذا الحق مدخلا لتحقيق ذات المرأة.. الذات الاقتصادية التي ترادف الاستقلال المادي عن الرجل، ومن ثم الانفلات من قبضة "السلطة الأبوية" والتحرر من قيود "المجتمع الذكوري" على حد تعبيرهن!
والمتطرفات منهن يعتبرن هذا الاستقلال مقدمة للاستقلال الجسدي للمرأة بدعوى أن الرجل يمتلك جسد امرأته بموجب تبعيتها الاقتصادية له.. وفي غمرة حماسهن المريض لترويج هذا المنطق الأكثر مرضا يتناسين أن الأب مكلف بالإنفاق على ***ته.. والأخ على أخته وال*** على أمه، ومن ثم فإن علاقة التبعية الاقتصادية كما يسمينها لا توجد في إطار الزواج فقط ، بل في الإطار الأسري العام الذي ينفرد الإسلام بتقديم رؤية متميزة ومتكاملة له.. رؤية تمزج في تناسق بديع بين الذمة المستقلة للمرأة ، وحقها في أن تكون معالة اقتصاديا من أبيها أو أخيها أو زوجها أو ***ها، وأيضا من المجتمع المسلم الذي من المفترض أن "يكفل" كل من تفتقر إلى عائل.
وقد لا يمكن الزعم بأن واقعنا الاجتماعي خال من رجال ينكلون بشريكات حياتهن، ويذلون أعناقهن بسيف الإنفاق.. ولكن هذا لا ينهض دليلا على صحة مزاعم داعيات تحرير المرأة واستقلالها الاقتصادي ، إذ كيف يصح بناء قاعدة اجتماعية على أساس شذوذ فكري وسلوكي؟
وكيف يتسق زعمهن بأن الرجل يستعلى على زوجته بإنفاقه عليها مع التصوير القرآني البديع لما يجب أن يفعله الزوج سوي الفطرة حين تنشز زوجته – إذ يقول الله (عز وجل) في محكم كتابه: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا (النساء: 43)، وليس من بين هذه البدائل الإصلاحية.. الحرمان من النفقة أو الإذلال بالتجويع مثلا !
إن قوامة الرجل وجه رائع من وجوه إعجاز القرآن الكريم، ولو فهمت ومورست بمرادها وأهدافها لحققت للرجل والمرأة معا التوازن والاستواء والراحة، فمن علامات استقامة الفطرة أن يسعد الرجل بركن الإنفاق في القوامة، ولا يراه عبئا ومسئولية كريهة.. وأن تزهو المرأة بأنها في كنف رجل وفي ظل قوامته المعنوية والمادية، وأنهما يمثلان معا صورة واقعية لقيمة الأسرة التي يعد محوها هدفا إستراتيجيا للحركات النسوية الساعية ليس فقط لخلخلة كيان الأسر القائمة بالفعل، بل لتغيير اتجاهات الرجال والنساء نحو مفهوم الأسرة ذاته، لينظروا إليه كقيد.. وكقالب تقليدي لصب علاقة المرأة بالرجل.. وكعدو لحرية الرجال، وطموحات النساء!
إن اللاتي يصرخن مطالبات بالاستقلال الاقتصادي للمرأة لم يذقن متعة أن ينفق الرجل على زوجته، ويكرمها فيشعرها بإنسانيتها، ولم يجربن الإحساس الرائع بالتميز وهن يتمتعن بحق النفقة والذمة المالية المستقلة في الوقت نفسه.
ليتهن يذقن.. ويجربن.. وليت بعض بناتنا ونسائنا يتخلصن من وهم الإحساس بالذل؛ لأن الرجال ينفقون عليهن.. فكل زوجة "تابعة" اقتصاديا لزوجها من حقها أن تزهو.. وتفخر.. وتعتز بأنها كانت سببا في منحه وسام شرف.. القوامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.