تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي

أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي 2024.

أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي(15)
المطلب الرابع: العلم بعدل الله الكامل
إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله وأنزل كتبه، وهي تتضمن أخباراً وأحكاماً، فأخباره كلها صدق، لا يتطرق إليها كذب، وأحكامه كلها عدل، لا يتطرق إليها ظلم، سواء منها ما تعلق بالدنيا من إخبار عما يقع فيها من المغيبات، أم ما كلفه الله الناس من التشريعات، أو ما يتعلق بالآخرة من إخبار عما أعد الله فيها جملة أو تفصيلاً، وما يجازي به تعالى خلقه من أنواع الجزاء، فإن أخباره صدق عن الدنيا والآخرة، وأحكامه عدل في الدنيا والآخرة، ولذلك قال سبحانه وتعالى عن نفسه: )وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم( [الأنعام: 115].
قال الفخر الرازي رحمه الله في تفسير الآية السابقة: "إن كل ما حصل في القرآن نوعان: الخبر والتكليف، أما الخبر فالمراد به كل ما أخبر الله عن وجوده أو عدمه، وأما التكليف فيدخل فيه كل أمر ونهي توجه منه سبحانه على عبده، وإذا عرفت انحصار مباحث القرآن في هذين القسمين، فنقول: قال تعالى: )وتمت كلمة ربك صدقاً( إن كان من باب الخبر، وعدلاً إن كان من باب التكاليف، وهو ضبط في غاية الحسن" [التفسير الكبير (13/161)].
وعدله سبحانه يقتضي أن يوفى كل عامل جزاء عمله، ويقضي لكل مظلوم من ظالمه، مهما قل العمل أو كثر، وجل العلم أو دق، فإنه تعالى قد أمر بالعدل ونهى عن الظلم، وأقام الحجة في الأرض ببيان ما هو عدل وما هو ظلم، ووعد أهل العدل بثوابه وتوعد أهل الظلم بعقابه، قال تعالى: )إن الله يأمر بالعدل( [النحل: 90] وقال تعالى: )قل أمر ربي بالقسط( [الأعراف: 29] وقال: )وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون( [الطور: 47].
ولهذا أنذر سبحانه عباده بحسابه العادل الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، قال تعالى: )إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما( [النساء: 40].
وقال تعالى: )ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون( [يونس: 54].
وقال تعالى: )ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون( [يونس: 47] وقال تعالى: )إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون( [يونس: 44] وقال سبحانه: )ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا( [الكهف: 49]. قال تعالى: )ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين( [الأنبياء: 47].
إن تربية الفرد على هذه الصفة للإله العالم القادر على كل شيء، هي أعظم تربية تجعله يسعى إلى طاعة الله وترك معصيته، ومعاملة عباد الله بما شرّع الله دون تعدٍ لحدوده.
وفي قوله سبحانه وتعالى: )فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره( [الزلزلة: آخر السورة] أجمع ما وعد الله فيه عباده المؤمنين أو توعد به الكفرة المجرمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر أنواع الخيل، وأنها لرجل أجر، ولرجل وزر، فسئل عن الحُمُر؟ قال: ((ما أنزل الله عليّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة)) وذكر آخر الزلزلة [البخاري (3/217) ومسلم (2/681-682)].
رفع الله قدرك أيها الكريم وبارك فيك وزادك من فضله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.